إنني أعلم أن الحكومة الجمهورية حكومة إسلامية لا تفسح المجال للتيارات الإلحادية المضرة بالوطن والشعب وقد قبلت ضمن إلجاءات الزمان الحاضر بعض القوانين المدنية.

إنني لا أوجّه كلامي هذا إلى حكام التحقيق الذين يؤدون واجبهم، بل أوجّهه إلى الملحدين الظالمين الذين استُنِدَ إلى أقوالهم في قرار الاتهام. وأقول: إنني أتهمكم بأنكم تريدون استغلال السياسة في سبيل الإلحاد، تجاه اتهامكم إياي بأني أستغل الدين للسياسة. لأنني أثبتُّ بمائة دليل قاطع أن هذه فرية فاضحة وباطل لا أساس له من الصحة.

كان فيما مضى سلطان خبّ، يقترف مظالم كثيرة باسم العدل، فقال له عالم فاضل يوماً: «أيها الحاكم! أنت تظلم رعيتك باسم العدل، لأن رؤيتك المتسمة بالخب والانتقاد تجمع السيئات المتفرقة عبر الزمان وتتصورها في آن واحد، فتُعاقِب صاحبها بعقاب أليم، ثم تجمع سيئات القوم الناجمة من أفراده المتفرقين، مرة واحدة -برؤيتك الناقدة المتسمة بالخب الخدّاعة- وتَحذَر كل فرد من أفراد ذلك القوم، وتَنفر منهم جميعاً وتُنزل ضربة ظالمة عليهم. فإنك بلا شك تغرق في ما تبصقه في ظرف سنة واحدة لو خرج منك في يوم واحد. والعلاج المر الذي تستعمله في أوقات متفرقة إذا استعمله عدد من الأفراد في يوم واحد ربما يؤدي إلى موتهم.. وهكذا، فبينما الأمر يقتضي ستر السيئات المتخللة بين المحاسن، فإنك لا تفكر بالمحاسن المزيلة للسيئات في رعيتك، بل تجمع -برؤيتك الخب الخدّاعة- السيئات كلها وتعاقب عليها عقاباً أليماً».. ويستمع السلطان إلى ذلك العالم الجليل، فينجو من الظلم.

إن قوة خفية تريد الحكم عليّ بالإدانة، وأشعر أنها تحاول بشتى الوسائل أن تجد حججاً ومعاذير مهما كانت لجعلي محكوماً، كمن يجمع الماء من ألف وادٍ، بل أغرب من دعوى الذئب للحمل.

فمثلاً يرددون هذه الكلمة منذ ثلاثة شهور: «إن سعيداً الكردي يستغل الدين للسياسة». وأنا أقسم بجميع المقدسات أنه لو كان عندي ألف سياسة لكنت فديتها للحقائق الإيمانية. فكيف أجعل الحقائق الإيمانية أداة لسياسة الدنيا؟ فمع أنني فنّدت هذا الاتهام في مائة موضع إلّا أنهم لا يزالون يرددون النقرات نفسها، بمعنى أنهم يريدون بالاستلزام أن يجعلوني مسؤولاً مهما كلّف الأمر. وأنا بدوري أتهم الظالمين الملحدين الذين يحاولون العمل ضدنا


Yükleniyor...