إن أكثر الرسائل الأخرى ألّفت منذ أربع سنوات أو خمس، ومنها ما ألّفت قبل ثماني سنوات أو عشر، وبعضها قبل ثلاث عشرة سنة. إلّا أن «رسالة الاقتصاد ورسالة الشيوخ والمرضى» فقط ألّفتُها السنة الماضية. ومع ذلك، يطمئن ويصدّق من يملك ذرة إنصاف ويحقق في الرسائل بحياد أن الرسائل لا تخالف قوانين الحكومة ولا تخل بالأمن ولا تضلل الشعب، بل ينبغي أن تنال التشجيع والتقدير من الحكومة. ولو فرضنا أنها تخالف وجهة نظر الحكومة في نقاط كثيرة، فبموجب قانون العفو المنشور أخيراً، الذي يعفو عن مثل هذه الجرائم لما قبل ٢٨/ ٧/ ١٩٣٣، أدّعي ألّا محل لمتابعة هذه الرسائل قانوناً، وأطلبُ دفعَ الظلم عنا فوراً وإعادة الرسائل.

فإن قال سكران ثمل ومن لا وجدان له ويتلقى كنه الإنسانية في أسوأ وأدنى درجات الحيوانية، ويتوهم الدنيا خالدة دائمة، ويتخيل الإنسان باقيا لا يموت: «إن رسائلك كلها تعطي درساً إيمانياً قوياً جداً، وتصرف النظر عن الدنيا، وتُحوّله نحو الآخرة. أما نحن، فيمكن أن نعيش في هذا العصر بالتوجه إلى الحياة الدنيا بكل قوتنا واهتمامنا وعقلنا. لأن ديمومة الحياة والحذر من الأعداء صار صعبا في الوقت الحاضر».

الجواب: إن دروس الإيمان التحقيقي، مع توجيهها الأنظار إلى الآخرة، تُعلّم أن الدنيا مزرعةٌ للآخرة وسوقٌ ومعملٌ لها، وتدفع إلى السعي الحثيث في الحياة الدنيا، ثم إنها تُكسب القوة المعنوية المنهارة في غياب الإيمان قوةً، وتسوق اليائسين الساقطين في العطالة واللامبالاة إلى الشوق والهمة وتحثهم إلى السعي والعمل. فهل يرضى الذين يريدون أن يحيوا في هذه الدنيا بوجود قانون يمنع دروس الإيمان التحقيقي الذي يضمن لذة الحياة الدنيوية والشوق للعمل والقوة المعنوية للصمود بوجه مصائب الدنيا الكثيرة، وهل يمكن أن يوجد قانون مثل هذا؟

فإن قال قائلٌ يتظاهر بالغيرة والحمية، جاهلٌ بالأسس الحقيقية لإدارة الشعب وأمن البلاد: «نحن نرقبك باحتمال حصول شغب بقوة الرسائل، من جهة استناد من يريد إفساد الأمن واضطراب الإدارة إلى رسائلك، أو إنك تهمل الحذر وتعترض على الإدارة الحاضرة».

الجواب: إن من دَرسَ رسائل النور، لن يخوض في فتن تهدر دماء أبرياء كثيرين وتضيّع حقوقهم، ولن يقترب بأي وجه من فتن تكرّر فشلها وضررها. وإن عشر فتن في هذه السنوات العشر، لم يشترك فيها عُشر طلاب رسائل النور، بل لم يشترك فيها واحد منهم، إنما يدل على


Yükleniyor...