وأولئك المخمورون هم المتمردون الذين يتلذذون بالضلالة.

وأولئك الحائرون هم الذين يشمئزون من الضلالة ولكنهم لا يستطيعون الخروج منها، فهم يريدون الخلاص ولكنهم لا يهتدون سبيلاً.. فهم حائرون.

أما تلك المطارق فهي التيارات السياسية، وأما تلك الأنوار فهي حقائق القرآن فالنور لا تثار حياله الضجة ولا يقابل بالعداء قطعاً، ولا ينفر منه إلّا الشيطان الرجيم.

ولذلك، قلت: «أعوذ بالله من الشيطان والسياسة» لكي أحافظ على نور القرآن. واعتصمت بكلتا يدي بذلك النور، ملقياً مطرقة السياسة جانباً.

ورأيت أن في جميع التيارات السياسية -سواءً الموافقة منها أو المخالفة- عشاقاً لذلك النور.

فالدرس القرآني الذي يُلقى من موضع طاهر زكي مبرأ من موحيات أفكار التيارات السياسية والانحيازات المغرضة جميعها، ويُرشد إليه من مقام أرفع وأسمى منها جميعاً، لا ينبغي أن تحجم عنه جهة، ولا يكون موضع شبهة فئة، مهما كانت. اللهم إلّا أولئك الذين يظنون الكفر والزندقة سياسة فينحازون إليها. وهؤلاء هم شياطين في صورة أناسي أو حيوانات في أجساد بشر.

وحمداً لله فإنني بسبب تجردي عن التيارات السياسية لم أبخس قيمة حقائق القرآن التي هي أثمن من الألماس ولم أجعلها بتفاهة قطع زجاجية بتهمة الدعاية السياسية. بل تزيد قيمة تلك الجواهر القرآنية على مرّ الأيام وتتألق أكثر أمام أنظار كل طائفة». (79)

« سؤال: لِمَ يتجنب سعيد الجديد تجنباً شديداً و إلى هذا الحد من السياسة؟

الجواب: لئلا يضحّي بسعيه وفوزه لأكثر من مليارات من السنين لحياة خالدة، من جراء تدخل فضولي لا يستغرق سنة أو سنتين من حياة دنيوية مشكوك فيها. ثم إنه يفر فراراً شديداً من السياسة، خدمةً للقرآن والإيمان والتي هي أجلّ خدمة وألزمها وأخلصها وأحقّها. لأنه يقول:


Yükleniyor...