قروي مغرم بالغرائب سمع بعجائب إسطنبول وغرائبها وجمالها ومباهجها، كم يشتاق إليها؟

فأنا الآن مثل ذلك القروي مشتاق إلى الآخرة التي هي معرض العجائب والغرائب.

لذا فإن إبعادي ونفيي إلى هناك لا يُعدّ عقاباً لي. ولكن إن كان في قدرتكم وفي استطاعتكم تعذيبي وإيقاع العقاب عليّ فعذّبوني وجداناً، فما دونه ليس عذاباً ولا عقاباً بل فخراً وشرفاً.

لقد كانت هذه الحكومة تخاصم العقل أيام الاستبداد. إلّا أنها الآن تعادي الحياة بأكملها؛ فإن كانت الحكومة على هذا الشكل والمنطق، فليعش الجنون وليعش الموت، ولتعش جهنم مثوىً للظالمين.

لقد كنت آمل أن يهيأ لي موضع لأبيّن فيه أفكاري، وها قد أصبحت هذه المحكمة العرفية خير مكان لأبث منها أفكاري.

في الأيام الأولى من التحقيق سألوني مثلما سألوا غيري: «وأنت أيضاً قد طالبت بالشريعة!»

قلت: «لو كان لي ألف روح، لكنت مستعداً لأن أضحي بها في سبيل حقيقة واحدة من حقائق الشريعة، إذ الشريعة سبب السعادة وهي العدالة المحضة وهي الفضيلة. أقول: الشريعة الحقة لا كما يطالب بها المتمردون.. فها أنا أبدأ بخطابي:

أيها القادة! أيها الضباط!

إن خلاصة جناياتي التي اقتضت سجني هي:

إذا محاسني اللاتي أدلّ بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر؟ (183)

وفي البداية أقول: «إن الشريف لا يتنازل لارتكاب جريمة، وإن اتُّهم بها لا يخاف من الجزاء والعقاب؛ فلئن أُعدمتُ ظلماً فإني أغنم ثواب شهيدين معاً، وإن لبثت في السجن فهو بلا ريب أفضل مكان في ظل هذه الحكومة الظالمة التي ليس فيها من الحرية إلّا لفظها، فالموت مظلوماً هو خير من العيش ظالماً».


Yükleniyor...