ج. إنشاء مجلس شورى للاجتهاد

بينا نرى الوزارة تستند أصلاً إلى ثلاثة مجالس شورى -وقد لا توفي هذه المجالس حاجاتها الكثيرة- نجد أن المشيخة قد أودعت إلى اجتهاد شخص واحد، في وقت تعقدت فيه العلاقات وتشابكت حتى في أدق الأمور، فضلا عن الفوضى الرهيبة في الآراء الاجتهادية، وعلاوة على تشتت الأفكار وتدني الأخلاق المريع الناشئ من تسرب المدنية الزائفة فينا.

من المعلوم أن مقاومة الفرد تكون ضعيفة أمام المؤثرات الخارجية، فلقد ضُحي بكثير من أحكام الدين مسايرة للمؤثرات الخارجية.

وبينما كانت الأمور بسيطة والتسليم للعلماء وتقليدهم جارياً كانت المشيخة مودعة إلى مجلس شورى -ولو بصورة غير منتظمة- ويتركب من شخصيات مرموقة، أما الآن وقد تعقدت الأمور ولم تعد بسيطة وارتخى عنان تقليد العلماء واتباعهم.. أقول: كيف يا ترى يكون بمقدور شخص واحد القيام بكل الأعباء؟

ولقد أظهر الزمان أن هذه المشيخة الإسلامية -التي تمثل الخلافة- ليست لأهل إسطنبول خاصة أو للدولة العثمانية، وإنما هي مؤسسة جليلة تعود للمسلمين عامة. فوضعها الحالي المنطفئ لا يؤهلها للقيام بأعباء إرشاد إسطنبول وحدها ناهيك عن إرشاد العالم الإسلامي! لذا ينبغي أن تؤول هذه المشيخة إلى درجة ومنزلة تتمكن بها كسب ثقة العالم الإسلامي فتكون كالمرآة العاكسة لمشاكل المسلمين. وتغدو منبعاً فياضاً للاجتهادات والأفكار. وعندها تكون قد أدت مهمتها حق الأداء تجاه العالم الإسلامي. (144)

لقد طالبت بهذه الفكرة (145) أعضاء «تركيا الفتاة» إبان إعلان الدستور، فلم يوافقوا عليها، وبعد مضي اثنتي عشرة سنة طالبتهم بها أيضاً فقبلوها ولكن المجلس النيابي قد حل. والآن أعرضها مرة أخرى على نقطة تمركز العالم الإسلامي. (146)


Yükleniyor...