مفعمة بالدعوة إلى الإيمان والقرآن، حتى كان أحدهم يسير ليلا إلى مطلع الفجر بين الجبال ليوصل الرسالة إلى من يستنسخها باليد.

وطوال هذه السنين والأستاذ النورسي دائم الاتصال مع طلابه بالمراسلة سرا رغم بُعده عنهم ورغم الترصد الدائم والمراقبة الشديدة. فالتوجيهات مستمرة إلى العمل مع أخذ الحيطة والحذر والجدّ في العمل وملازمة التقوى والزهد والقناعة والغيرة على الإيمان في تواضع جمّ وانقطاع كامل إلى دعوة الإيمان والقرآن.

ومما يلفت النظر أن الأستاذ النورسي ضمّ بين مكاتيبه في «الملاحق» مكاتيبَ وردت إليه من طلابه يفصحون فيها عن جيشان مشاعرهم القلبية وفيضهم الروحي وتزودهم العقلي لدى قراءتهم رسائل النور التي كلما قرؤوها عملت على تزكية نفوسهم وتنقية فكرهم من الشوائب والشبهات ودفَعتهم إلى الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ يحدوهم الشوق إلى العمل في سبيل إعلاء كلمة الله. فمكاتيبهم هذه إنما هي نوع من عرفان للجميل الذي قدمته لهم رسائل النور.

أما في ملحق «أميرداغ» فنجد الأمر قد تغيّر قليلا حيث أتيحت حرية نسبية للمسلمين وذلك بعد سنة ١٩٥٠. لذا نرى فيه موازين سياسية وقواعد اجتماعية، ولاسيما في القسم الثاني منه، ورسائل موجهة إلى المسؤولين في البلاد بدءا من مدير الأمن للولاية إلى مدير الأمن العام إلى محكمة التمييز والمحاكم الأخرى إلى رئاسة الوزارة فرئيس الجمهورية، بل إلى خارج تركيا بل حتى إلى البابا في الفاتيكان، مع ردود على الصحف المأجورة التي ما فتئت تحرض على المسلمين وتشيع الفتن وتبث الإشاعات.

وحيث إن الأستاذ النورسي نفسه قد اختار من المجموعة الهائلة للمكاتيب المتبادلة بينه وبين طلاب النور ما يصلح للنشر، فقد انتقينا كذلك في أثناء الترجمة من المكاتيب التي اختارها الأستاذ النورسي تلك التي لها فاعليتها في التوجيه والإرشاد وتعبّر عن أساليب الدعوة في مراحلها المختلفة أو العمل مع الموالين والمعارضين بأصنافهم كافة، أو فيها دروس بليغة وحكم رصينة وقواعد سديدة وموازين صائبة يحتاج إليها كل صاحب دعوة. ذلك لأن أمور

Yükleniyor...