إن هذه الدنيا فانية وإن أعظم دعوى فيها هي الفوز بالعالم الباقي، فإن لم تكن عقيدةُ المرء صحيحة يخسر الدعوى. نعم، إن الدعوى الحقة هي هذه. ومن الضياع والعبث الاهتمامُ بما هو خارجَ هذه الدعوى. فالذي ينشغل بالأمور السياسية يتخلف عن الإيفاء بوظائف مهمة، ويَفقد سلامة قلبه من جراء تلهفه للصراعات السياسية.

٣. وذكر في اللمعة السادسة والعشرين: أن مهمته الحقيقية في هذه الدنيا الهرمة هي نشر الأسرار القرآنية. ويقول: إنني مرتبط بهذه البلاد من حيث الحمية الإسلامية. وإلّا فلا دار لي ولا أولاد لي.

٤. وذكر في اللمعة الحادية والعشرين، الدستور الأول من بين النصائح التي قدّمها لإخوانه: ابتغاء رضوان الله في عملكم، فلا تُطلب فيه منافع مادية. ويقول أيضا: إنني لست صوفيا ومسلكنا ليس طريقة صوفية. وإن حب الجاه وجلب الأنظار إلى النفس مرض روحي، ويُطلق عليه الشرك الخفي، ويقول: لو كان مسلكنا مشيخة لكان المقام واحدا، والمرشحون كثيرين.

إن مسلكنا: الأخوّة، فلا يكون الأخ لأخيه في مرتبة الأب ولا يتقلد صفة المرشد.

∗ ∗ ∗


[محاورة مع نفسي]

أُحيلُ هذه المحاورة مع نفسي إلى رأيكم لإسماعها المسؤولين في أنقرة بعد إجراء التصحيحات اللازمة فيها.

إذا كان الحاكم والمدّعي واحدا، فإلى من تُرفع الشكوى؟ لقد حرتُ طويلا في هذه المشكلة..

أجل إن حالتي اليوم، وأنا طليق مراقَب أكثرُ شدة عليّ من الأيام التي كنت مسجونا فيها، وإن يوما واحدا من هذه الحياة يضايقني أكثر من شهر كامل في سجني المنفرد ذاك. لقد مُنعتُ من كل شيء رغم ضعفي وتقدمي في السن وفي هذا الشتاء القارس. فلا أقابِل غير صبي وشخص مريض. على أنني منذ عشرين سنة أعاني مأساة حبس منفرد.

Yükleniyor...