لقد أدت أسباب رهيبة منذ سالف الزمن إلى تدهور الأخلاق واستحبابِ الدنيا على الآخرة وتفضيلِها عليها في كل شيء. فضمنَ هذه الأحوال المحيطة، فإن فتوحات الإيمان التي تكسبها رسائل النور حتى الآن، وكسرَها لصولة الزنادقة وهجوم الضلالة، وإنقاذَها إيمانَ مئات الألوف من الناس المنكوبين، وتربيتَها مئاتٍ بل ألوفَ المؤمنين الحقيقيين الذين يعادل كلٌّ منهم مائة ألفٍ من غيرهم، أثبتت إثباتا قاطعا بحوادث واقعية -وستثبت بإذن الله في المستقبل- إخبار المخبر الصادق ﷺ وصدّقته تصديقا فعليا. وقد ترسخت في العروق إلى درجة لا يمكن لأي قوة كانت أن تجتثها بإذن الله من صدر الأناضول، حتى يأتي بإذنه تعالى في آخر الزمان أصحابُها الحقيقيون في الدائرة الواسعة للحياة، أي السيد المهدي وطلابه، فيوسّعون تلك الدائرةَ وتتسنبل البذورُ المزروعة، فنشاهد نحن ذلك المشهد من قبورنا ونشكر ربنا.
∗ ∗ ∗
[ورطة المتدينين]
إن هذا العصر العجيب الذي أثقل كاهل الإنسان بالحياة الدنيوية بما كثّر عليه من متطلبات الحياة وضيّق عليه مواردَها، وحوّل حاجاته غير الضرورية إلى ضرورية بما ابتلاه من تقليد الناس بعضهم بعضاً، ومن التمسك بعادات مستحكِمة فيهم، حتى جعل الحياة والمعاش هي الغاية القصوى والمقصد الأعظم للإنسان في كل وقت.
فهذا العصر العجيب أسدل بهذه الأمور حجاباً دون الحياة الدينية والأخروية والأبدية، أو في الأقل جَعَلها أمراً ثانوياً أو ثالثياً بالنسبة له. لذا جوزي الإنسان على خطئه هذا بلطمة قوية شديدة حوّلت دنياه إلى جحيم لا تطاق. وهكذا يتورط المتدينون أيضاً في هذه المصيبة الرهيبة، ولا يشعر قسم منهم أنهم قد وقعوا في الورطة.
وأذكر مثالاً: رأيت عدداً من الأشخاص -من أهل التقوى- يَرغبون في الدين ويحبون أن يقيموا أوامره كي يوفقوا في حياتهم الدنيوية ويفلحوا في أعمالهم. حتى إن منهم من يطلب الطريقة الصوفية لأجل ما فيها من كرامات وكشفيات؛ بمعنى أنه يجعل رغبته في الآخرة وثمارها تَكِئَةً ومرتبة سُلّمٍ للوصول إلى أمور دنيوية، ولا يَعلم هذا أن الحقائق الدينية
[ورطة المتدينين]
إن هذا العصر العجيب الذي أثقل كاهل الإنسان بالحياة الدنيوية بما كثّر عليه من متطلبات الحياة وضيّق عليه مواردَها، وحوّل حاجاته غير الضرورية إلى ضرورية بما ابتلاه من تقليد الناس بعضهم بعضاً، ومن التمسك بعادات مستحكِمة فيهم، حتى جعل الحياة والمعاش هي الغاية القصوى والمقصد الأعظم للإنسان في كل وقت.
فهذا العصر العجيب أسدل بهذه الأمور حجاباً دون الحياة الدينية والأخروية والأبدية، أو في الأقل جَعَلها أمراً ثانوياً أو ثالثياً بالنسبة له. لذا جوزي الإنسان على خطئه هذا بلطمة قوية شديدة حوّلت دنياه إلى جحيم لا تطاق. وهكذا يتورط المتدينون أيضاً في هذه المصيبة الرهيبة، ولا يشعر قسم منهم أنهم قد وقعوا في الورطة.
وأذكر مثالاً: رأيت عدداً من الأشخاص -من أهل التقوى- يَرغبون في الدين ويحبون أن يقيموا أوامره كي يوفقوا في حياتهم الدنيوية ويفلحوا في أعمالهم. حتى إن منهم من يطلب الطريقة الصوفية لأجل ما فيها من كرامات وكشفيات؛ بمعنى أنه يجعل رغبته في الآخرة وثمارها تَكِئَةً ومرتبة سُلّمٍ للوصول إلى أمور دنيوية، ولا يَعلم هذا أن الحقائق الدينية
Yükleniyor...