[حسّ مسبَق برسائل النور]

إخوتي الأعزاء!

لقد اقتنعت قناعة جازمة أن رسائل النور -قبل ظهورها بأربعين سنة- قد تظاهرت بحسّ مسبَق إحساسا واسعا وبأسلوب عجيب، في نفسي، وفي قريتنا «نورس» وفي ناحيتنا «خِيزان». كنت أرغب أن أبوح بهذا السر إلى كل من «شفيق» و«عبد المجيد» من إخوتي وطلابي القدامى، والآن أبيّنه لكم لما وهب الله سبحانه وتعالى لكم كثيرا من أمثال عبد المجيد وعبد الرحمن..

كنت أحمل حالة روحية تتسم بالفخر والاعتزاز، يوم كنت في العاشرة من عمري، بل حتى أحياناً بصورة حب للمدح والثناء. فكنت أتقلد طور بطل عظيم ورائد كبير وصاحب عمل عظيم خلاف رغبتي.

فكنت أقول لنفسي: ما هذا الظهور والاختيال ولاسيما في الشجاعة، وأنت لا تساوي شروى نقير؟ فكنت حائراً وجاهلاً بالجواب. ولكن منذ شهرين، أجيبت تلك الحيرة، بأن رسائل النور كانت تُشعر بنفسها بحس مسبَق. أما أنت فلست إلّا بذرة صغيرة لا تساوي شيئاً ولكن لإحساسك قبل الوقوع، تَعُدُّ تلك العناقيدَ الفردوسية (رسائل النور) كأنها ملكك، فتزهو وتتباهى.

أما قريتنا «نورس» فإن أهلها وطلابي القدامى يعرفون أن أهالينا كانوا يحبون المدح والثناء عليهم كثيراً لإظهارهم أنهم السابقون في الشجاعة والإقدام، فيرغبون تقلّد طور البطولة وكأنهم قد فتحوا مملكة كبيرة.

فكنت أعجب من نفسي ومن طورها هذا.

والآن عرفت السر بإخطار حقيقي: أن أولئك النورسيين، يتباهون لأن قريتهم «نورس» ستكسب فخراً عظيماً بنور رسائل النور، حتى إن الذين لم يسمعوا باسم الولاية والناحية سيعرفون تلك القرية باهتمام بالغ. فهؤلاء النورسيون يُظهرون شكرانهم -بحس مسبق- لتلك النعمة الإلهية على صورة زهو وتباهٍ.


Yükleniyor...