مرحلتها- في المرتبة الثانية والثالثة ويستطيع أن يجعلها أداة طيعة للدين والحقيقة. إذ بخلافه يهوّن من قيمة الألماس الثمينة إلى قطع زجاجية تافهة.

حاصل الكلام: كما أن السُكْر يولّد لذة مشؤومة، ولفترة قصيرة حيث ينسي السكران الآلام الناشئة من أدائه الوظائف الحقيقية والحاجات الضرورية، كذلك الاهتمام الجادّ بهذه المعارك والحروب الطاحنة والحوادث الفانية هو نوع من السُكر بحيث ينسي الإنسانَ حاجته إلى المهمات الحقيقية والآلام الناشئة من جراء القيام بها، ينسيه موقتا، مانحا لذة مشؤومة، أو يقذف به في يأس مدمّر مخالفًا للأمر الإلهي في قوله تعالى: ﹛﴿ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّٰهِ ﴾|﹜ (الزمر:٥٣) وعند ذاك يكون ممن يستحق التأديب والعقاب بالزجر الإلهي الشديد: ﹛﴿ وَلَا تَرْكَنُٓوا اِلَى الَّذ۪ينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾|﹜ (هود:١١٣) وذلك لمشاركته طوعا وضمنا في ظلم الظالمين. فينال جزاءه الذي يستحقه في الدنيا والآخرة.

∗ ∗ ∗


[إنقاذ الإيمان أعظم إحسان في هذا الزمان]

إخوتي الأعزاء الصادقين!

إن أعظم إحسان أعدّه في هذا الزمان وأجلّ وظيفة، هو إنقاذ الإنسان لإيمانه والسعي لإمداد إيمان الآخرين بالقوة. فاحذر يا أخي الأنانية والغرور، وتجنَّب من كل ما يؤدي إليهما، بل ينبغي لأهل الحقيقة في هذا الزمان نكران الذات، ونبذ الغرور والأنانية، وهذا هو الألزم لهم، لأن أعظم خطر يتأتى في هذا العصر، إنما يتأتي من الأنانية والسمعة، فعلى كل فرد من أفراد أهل الحق والحقيقة أن ينظر إلى تقصيرات نفسه ويتهمها دائماً ويتحلى بالتواضع التام.

إنه لمقام عظيم حفاظُكم ببطولة فائقة على إيمانكم وعبوديتكم لله، تحت هذه الظروف القاسية.

نعم، إن رسائل النور لم تنهزم تجاه جميع الهجمات الشرسة في هذا العصر، بل أرغمتْ رسمياً أعتى المعاندين لها على قبول نشرها. حتى إنه منذ سنتين وبعد إجراء التدقيقات صدّق المسؤولون الكبار وذوو المناصب الرفيعة في وزارة العدل على إطلاق حرية نشر رسائل النور فأعادوا الرسائل العامة والخاصة لأصحابها.


Yükleniyor...