[رسائل النور سانحات قلبية]

إن مسائل رسائل النور ليست نابعة من العلم، وإعمال الفكر، وبالنية والقصد والإرادة، بل هي -بالأكثرية المطلقة- سانحات وظهورات قلبية وتنبيهات وإخطارات على القلب.

∗ ∗ ∗


[كيف نجوتُ من ألم الشفقة؟]

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

لقد شعرتُ -بدافع العطف الإنساني- بحزن أليم جدا للبشرية المضطربة في هذا الشتاء القارس، والشتاء المعنوي الرهيب الذي يلطخ البشرية بالدماء، فأمدّت حكمةُ الخالق الكريم ورحمتُه تعالى قلبي المحزون، وهو أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين -كما بينته ذلك في كثير من الأماكن- فورد هذا المعنى إلى القلب:

إن تألّمك هذا الشديد، يجرى مجرى الانتقاد لحكمة ذلك الحكيم ورحمة ذلك الرحيم سبحانه وتعالى. فلا رأفة -في دائرة الإمكان- تسبق الرحمة الإلهية، ولا حكمةَ أكمل من حكمته الربانية. فكّر: أن العصاة ينالون جزاءهم والأبرياء والمظلومون سينالون ثوابَهم بعشرة أضعاف مما قاسوا. فعليك النظر إلى الحوادث الواقعة خارج دائرة اقتدارك من زاوية رحمته وحكمته وعدالته وربوبيته تعالى.

وهكذا نجوتُ من الألم الشديد النابع من الشفقة بفضل الله.

يُنقل أدناه جواب سعيد القديم حول سؤال أورده في مؤلَّفه «المناظرات» المطبوعِ قبل ثلاثين سنة.

لقد سئل قبل ثلاثين سنة أثناء تجواله بين العشائر:

سؤال: أمَا تكون الشكوى من الزمان والاعتراضُ على الدهر اعتراضا على بدايع صنعة الصانع جل جلاله؟

الجواب: كلا، ثم كلا، بل ربما تعني الشكوى ما يأتي:

Yükleniyor...