الحاصل: لقد أُثبتت في «الكلمات» إثباتا قاطعا: أن الذي يؤلّه الطبيعة يضطر إلى قبول آلهة غير متناهية لإنكاره الإله الواحد، فضلا عن أن كلَّ إله قادرٌ على كل شيء، وضدُّ كلِّ إله، ومثله.. وذلك لينتظم الكون!. والحال أنه لا موضع للشريك قطعا، بدءا من جناح ذبابة إلى المنظومة الشمسية ولو بمقدار جناح الذباب، فكيف يُتدخل في شؤونه تعالى غيره؟

نعم، إن الآية الكريمة: ﹛﴿ لَوْ كَانَ ف۪يهِمَٓا اٰلِهَةٌ اِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبْحَانَ اللّٰهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾|﹜ (الأنبياء:٢٢) تقطع أساس الشرك والاشتراك ببراهين دامغة.

∗ ∗ ∗


المسألة الثالثة

إن الكفر بذرة لجهنم معنوية، كما أن ثمرته جهنم مادية -كما أُثبت في الكلمة الثانية والثامنة وفي سائر الكلمات- فكما أنه سببٌ لدخول جهنم، فهو سببٌ لوجودها. إذ كما أن حاكما صغيرا بعزة ضئيلة وغيرة قليلة وجلال بسيط لو قال له شرير: لا تقدرُ على عقابي، ولن تقدر. فإنه بلا شك ينشئ لذلك الشرير سجنا ويقذفه فيه حتى لو لم يكن هناك سجن.

كذلك الكافر بإنكاره جهنم، فإنه يَصِم من له منتهى الغيرة والعزة والجلال، ويكذّبه ويتهمه بالعجز والكذب، فيمسّ عزته بشدة ويتعرض لجلاله بسوء. فلا شك لو لم يكن أي سبب لوجود جهنم -فرضا محالا- فإنه سبحانه يخلقها لذلك الكفر المتضمن للاتهام بالعجز والتكذيب إلى هذا الحد، وسيقذف فيها الكافر.

∗ ∗ ∗


المسألة الرابعة

إذا قلت: لماذا يتغلب أهلُ الكفر والضلال على أهل الهداية في الدنيا؟

الجواب: لأن اللطائف الإنسانية واستعداداتها التي مُنحت لشراء الألماس الأبدي تُحيلُها بلاهةُ الكفر وسُكرُ الضلالة وحيرةُ الغفلة إلى قطع زجاجية تافهة وبلورات ثلجية سرعان ما تزول. فلا شك أن قِطع الزجاج المتكسر الجمادَ لأنه قد اُشتري بثمن الألماس، يُصبح كأنه أفضل زجاج وأجلى جماد!


Yükleniyor...