الحقيقة الأولى:

ما دامت الوظيفة المقدسة الإيمانية لرسائل النور ستتوضح أكثر وتنكشف بإخلاص أزيد بسبب وفاتي. حيث لا تُتّهم من أية جهة كانت أنها أداة لمكاسب الدنيا ووسيلة للأنانية والعجب.. وأن الوظيفة الإيمانية ستدوم بإخلاص أكثر وأقرب إلى الكمال، إذ ليس هناك ما يثير حسد الحاسدين في حياتي الشخصية... وعلى الرغم من أن بقائي على قيد الحياة قد يتيح نوعا من المعاونة في سير الخدمة -خدمةِ الإيمان والقرآن- فإن شخصيتي البسيطة التي لها حسّاد ونقّاد لهم شأنهم يمكنهم أن يُلصقوا تُهَما على تلك الشخصية ويهاجموا -بعدم الإخلاص- رسائلَ النور، ويتجنبوها ويجنّبوا الآخرين عنها... ثم إن من يقوم بشيء من الحراسة في دائرة، إذا ما أخذته الغفوةُ وغلب عليه النوم، فالغيورون في تلك الدائرة النورانية يهبّون حذرين، فيبرز في الميدان أُلوفُ الحراس والمرابطين بدلا من حارس واحد بسيط...

لذا ولأجل ما سبق؛ ينبغي أن يقال للموت المقبل: أهلا ومرحبا.

ثم يا نفسي! لِمَ تريدين أن تتخلفي عن الكثيرين من طلاب النور في البذل والعطاء، ألم يبذلوا أموالَهم وراحتهم ومتع الدنيا كلها، بل حياتهم -إن استوجب الأمر- في سبيل خدمة النور؟!

اعلمي قطعا يا نفسي! أنه لَشرف عظيم في منتهى اللذة والرضى، توديعُ حياة الشيخوخة الفانية المرهقة -إن لزم الأمر أو آن أوانه- في سبيل إكساب حياة باقية لكثير من المنكوبين وإنقاذها برسائل النور لئلا تُفضي إلى العدم.

الحقيقة الثانية:

لو وضعت عشرة أرطال من الحِمل على كاهل شخص ضعيف عاجز عن حَمل رطل واحد، واستعان به أصدقاؤه بدل أن يعينوه في حمله -لحسبانهم أنه ذو قوة وقدرة على الحَمل لخفاء ضعفه عليهم- فسوف يحاول ذلك الشخص الضعيف أن يُظهر نفسَه لهم بمظهر القوي جدا، لئلا يَسقط في نظرهم ولئلا يخيب حُسن ظنهم به، مما يؤدي به إلى التكلف والتصنع والظهور بما ليس فيه وأمثالِها من الأمور الثقيلة المقيتة الخالية من الذوق.


Yükleniyor...