بدلا من «أنا».. وكما قد نجا أهلُ الطرق من الرياء بوسائلِ قتل النفس الأمارة والأخذِ بقاعدةِ: «الفناء في الشيخ» و«الفناء في الرسول».. فإن إحدى تلك الوسائل هي «الفناء في الإخوان»، أي إذابة الشخصية الفردية في حوض الشخصية المعنوية لإخوانه وبناء أعماله على وفق ذلك، أقول: إنه كما قد نجا أهل الحقيقة بتلك الوسائل من ورطة الرياء، ينجو بإذن الله طلاب النور بهذا السر أيضا.

النقطة الثالثة: إنه لا تُعد من الرياء والعجب قط تلك الأطوارُ والأوضاع الرفيعة التي يقتضيها مقام أداء الواجب الديني، وجعلُ الناس يتقبلونه قبولا حسنا. اللهم إلّا إذا كان الشخص يسخّر تلك الوظيفة الدينية طوعَ أنانيته ويستغلها لأغراضه الشخصية.

فإمام الجامع، يجهر بالأذكار، كجزء من واجبه في إقامة الصلاة وأداء الأذكار، ويُسمِعها الآخرين، وهذا لا رياء فيه قط، ولكن إسماعها الناس خارج نطاق واجبه، ربما يداخله الرياء، فإن إخفاءها أكثر ثوابا من الجهر بها.

لذا فإن طلاب النور الحقيقيين، أثناء أدائهم لواجب نشر الوعي الديني، وأثناء قيامهم بعباداتهم اتباعا للسنة النبوية، وأثناء التزامهم بالتقوى التي هي اجتناب الكبائر.. إنما يُعدّون مكلّفين مأمورين في سبيل خدمة القرآن. فنسأل الله تعالى ألّا يداخل أعمالَهم تلك، الرياءُ. إلّا من دخل ضمن دائرة رسائل النور لغرض آخر غير خدمة القرآن.

∗ ∗ ∗


[حول وظائف السيد المهدي]

.. إن الذي تنتظره الأمة وسيأتي في آخر الزمان، له مهام ثلاثة، وإن أهم وظيفة من هذه الوظائف الثلاث وأعظمَها وأجلّها هي نشر الإيمان التحقيقي وإنقاذ الإيمان من الضلالة..

أما وظيفته الثانية: فهي تنفيذ الشريعة الغراء وتطبيقها، فبينما لا تَعتمد الوظيفة الأولى على القوة المادية بل إن سنَدَها هو القوة المعنوية من إخلاص ووفاء وقوة العقيدة، فإن هذه الوظيفة تحتاج إلى قوة مادية عظيمة مرهوبة الجانب، وسلطةٍ ذات شأن، كي يتمكن من تنفيذها.


Yükleniyor...