والذوق والجمال والاهتمام واللطف-بحساب الجُمّل بالأبجدية والجفر- ووُجّهنا إلى سلوك طريق آخر واستُعملنا فيه؟ فأُخطر على قلبي فجأةً: إن الانشغال بذلك المسلك الذي يفتح مغاليق تلك الأسرار الغيبية يُلحق الضرر بالعمل لأسس الإسلام. فهذا العمل هو أهم من ذلك المسلك وأثمن منه وأقوم، وهو محور الحاجة العامة ويَسد الحاجة الماسة للجميع بالعمل لأسس الإسلام، وهو خدمةُ خزينةِ الحقائق الإيمانية والاستفادة منها. ولهذا وُجّهنا إلى سلوك هذا الطريق، لأن الانشغال بذلك المسلك يجعل المرء يَدَع أعظم المقاصد وأجلّها -وهي الحقائق الإيمانية- في درجة تالية.

∗ ∗ ∗


[المقصد الأول هو الحقائق الإيمانية]

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

لمناسبة تلقي أحد إخوتنا الصادقين المدققين في هذه الأيام صفعةَ تأديب طفيفة من جراء عدم أخذه بالحذر، ولمناسبة استفسار «فيضي» و«أمين» وأخذهما الحيرة من اتخاذي طور عدم الرغبة في تلقي أي خبر عن أحوال العالم وأخبار السياسة والحرب وعدم الاهتمام بها في غضون هذه الشهور الأربعة رغم علاقتي بها بِقَدَر آلاف الأشخاص.. فأقول: لهذه المناسبات، لزم أن أبحث ولو جزئيا عن حقيقة طالما بحثت عنها وبينتها كثيرا. وهي الآتية:

بينما ينبغي أن تكون الحقائق الإيمانية أول مقصد وأسبقه في هذا الزمان، وأنْ تبقى سائر الأمور في الدرجة الثانية والثالثة والرابعة، وفي الوقت الذي ينبغي أن تكون خدمة الحقائق الإيمانية برسائل النور أجلّ وظيفة، وموضعَ اهتمامٍ ولهفة، ومقصودةً بالذات، إلّا أن أحوال العالم الحاضرة ولاسيما الحياة الدنيوية ولاسيما الحياة الاجتماعية والحياة السياسية خاصة وأخبار الحرب العالمية بالأخص -التي هي تجل من تجليات غضب الله النازل عقاباً لضلالة المدنية الحاضرة وسفاهتها- والتي تستميل الناس إلى جانبها وتهيّج الأعصاب والعروق حتى تدخل إلى باطن القلب، بل حتى مكّنتْ فيه الرغباتِ الفاسدة المضرة بدلاً من الحقائق الإيمانية الرفيعة النافعة. فهذا العصر المشؤوم قد غرز الناس بهذه الأمور ومازال، ولقّحهم بأفكاره ومازال، بحيث جعل العلماءَ الذين هم خارج دائرة رسائل النور، بل بعضَ

Yükleniyor...