وقد قرأت اليوم (الجمعة) لجارنا «السيد فتحي»، الكلمتين «الحادية عشرة والثالثة عشرة». ففي الأوقات التي أغتنمها فرصةً للانسلال من المشاغل الدنيوية أُسرع إلى نوافذ النور المفتّحة على مصراعيها، تلك «الكلمات» النورية، فآخذ منها غذائي الروحي والمعنوي وأحاول أن أجد أحدا من الناس لأبلّغه بها.

§خلوصي>

∗ ∗ ∗


[الرسائل تسد حاجة الزمان]

تسلّمت «المكتوب السادس والعشرين» بكل سرور، قرأتُه مرات ومرات وبإمعان ولهفة ومحبة ولذة وشوق. وتضرعتُ في الختام إلى الباري الجليل القائل: ﹛﴿ قُلْ مَا يَعْبَؤُ۬ا بِكُمْ رَبّ۪ي لَوْلَا دُعَٓاؤُ۬كُمْ ﴾|﹜ (الفرقان:٧٧). فدعوتُه سبحانه بلسان انتسابي إليه بالعبودية، وأنا في عجز تام وفقر كامل وشوق عارم، دعَوتُه دعوة خالصةً لوجهه الكريم، بالتوفيق لخدماتكم الخالصة لله تعالى، المادية منها والمعنوية، الظاهرة منها والباطنة، والدنيوية منها والأخروية.. وتضرعت إليه جلّ وعلا أن ينشر تلك الأنوار بوضوح وجلاء إلى أهل الإيمان والقرآن. وأن يسجّلها الربُّ الجليل عنده بلطفه وكرمه العميمين. وأن يجعل أستاذنا المحترم عزيزا في الدارين. وأَمَلي أن يحظى دعائي هذا بنور الآية الكريمة: ﹛﴿ ادْعُون۪ٓي اَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾|﹜ (غافر:٦٠).

أستاذي المحترم! أليس الذي تنتظره منا هو الدعاء؟ لقد جرّب هذا الفقيرُ، وحصل لديّ اليقين الجازم أن قوله تعالى: ﹛﴿ وَقُلْ جَٓاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ﴾|﹜ (الإسراء:٨١) له معجزات خالدة لا تموت. فلقد يسّر الله أنْ قرأتُ الرسائل المرسَلة إليّ هذه المرة على جماعات متنوعة شتى وكان منهم علماء، وجميعُهم أبدوا إعجابهم الشديد وتقديرهم العظيم لها.

أما أنا فأقول: إن جميع ما في رسائل النور: «الكلمات» و«المكتوبات» النورية إنما هي لحاجة الزمان، وإن لها المَقدِرةَ على إقناع كل صنف من أصناف أرباب الدين، بل إلزامِ الملحدين، بشرط ألّا يكونوا عنيدين موغلين في العناد. ومع هذا فإن الذين ابتُلوا بحب الدنيا -التي تسوق إلى المنافع والمصالح والحرص على الحياة، وفيها الكفر والعناد والغفلة والكسل والشرك والضلال وأمثالها- من المصابين بالأمراض المستعصية، أقول: لا يُستبعَد


Yükleniyor...