فلقد استشعرتْ أرواحُ هؤلاء الأطفال الأبرياء بحس مسبق -كما هو في بعض ذوي الأرواح المباركة- أن رسائل النور ستربيهم تربية الوالدين في الدنيا وستصونهم من البلايا.. لذا يُظهرون احتراما وتوقيرا لخادم النور أكثر مما يظهرونه لوالديهم. حتى إن طفلة لا تتجاوز عمرها ثلاث سنوات أتتني مهرولة إليّ مخترقة الأشواك، علما أنني لا أعرفها. ولكثرة ما في «بولفادين» من الأطفال الأبرياء المحبوبين ما كنا نخلص منهم ونحن نقطعها بالسيارة. بل حتى في كل مكان رغم أنهم لم يسمعوا عني شيئا ولم يشاهدوني، فإن إظهارهم هذا العطف والحنان نحوي أكثر مما يبدونه لوالديهم جعلني أرى في الإيمان بذرة الجنة حقا -بالنسبة لي- حتى من حيث جسمي وهواي.

∗ ∗ ∗


إشارة قصيرة إلى حقيقة مهمة

هناك إشارات لقسم من الأحاديث الشريفة: أن حقائق الإيمان تبدو بوضوح أكثر لدى النساء في آخر الزمان، حتى يتمكنّ من وقاية أنفسهن -إلى حد- من مهالك الضلالة في ذلك الوقت. كما أن هناك حثا على الاقتداء بالعجائز في آخر الزمان، كما هو في الحديث: «عليكم بدين العجائز» .

وهذا يعنى أن النساء اللاتي هن بطلات الشفقة ورائدات الحنان والعطف، يحُول إخلاصهن النابع من تلك السجية دون مهالك الضلالة المتمرغة بالتصنع والرياء في ذلك الوقت، فيظللن محتفظات بإسلامهن.

وهناك حديث آخر فيه: أن «أبا البنات مرزوق»، بمعنى أن في آخر الزمان، يكثر الإناث من الأطفال، ويكنّ طيبات، يبارك الله في أرزاقهّن.

كنت أجهل في السابق سرّ هذا الحديث الشريف وأمثاله، ولكني ولله الحمد فهمت مؤخرا شيئا من أسراره، أشير إليه في غاية الاختصار:

أن أطفال الإنسان ليسوا كصغار الحيوانات، إذ بينما تَقدِر هذه الصغار على الاعتماد على أنفسها في غضون شهرين أو ثلاثة، يحتاج طفل الإنسان إلى حماية ورعاية مكللة بالرحمة والرأفة، تستغرق عشر سنوات أو أكثر.


Yükleniyor...