[ما يستحق الفضول والاهتمام]
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
ذُكر في المسألة الرابعة من رسالة الثمرة ما ملخصه:
إن سبب عدم تدخلي في الشؤون السياسية الدائرة في الأرض، هو أن وظيفة الإنسان ومهمته في تلك الدائرة الواسعة قليلة وصغيرة إلّا أنها تثير الفضول لدى المهتمين بها والمتلهفين إلى تتبع الأحداث. حتى إن الاهتمام بتلك الوظائف الثانوية تُنسيهم وظائفَهم الحقيقية الجليلة أو تدعها ناقصة مبتورة، فضلا عن أنها تورث الانحياز والميل إلى إحدى الجهات، وعندها لا يجد المرء بأسا من ظلم الظالمين في الجهة التي انحاز إليها، بل قد يرتاح إليه. فيكون عندئذٍ مشاركا لهم في الإثم.
فيا أيها الشقاة الذين يتلذذون من الغفلة المسكرة الناشئة من متابعة الحوادث الخارجية نتيجة الفضول والاهتمام!
لو كان الفضول والاهتمام وحب الاستطلاع المغروز في فطرة الإنسان هو الذي يدفعكم -من حيث الإنسانية- إلى هذا التتبع والاهتمام، وعلى حساب الوظائف الجليلة الضرورية المفروضة. نعم، لو قلتم: إن هذه أيضا حاجة فطرية معنوية. فأنا أقول:
كما أن الإنسان يُثار لديه الفضول وحب الاستطلاع عندما يشاهد إنسانا ذا رأسين أو ذا ثلاثة أرجل، بينما لا يهتم بخلق الإنسان السوي الحافل بالمعجزات ولا يُنعِم النظر فيه؛
كذلك الحوادث الجارية في البشرية تلفت نظرَ الإنسان إليها حيث تغطي مساحة واسعة من الأخبار، بينما هي حوادث فانية موقتة بل مدمّرة في هذا العصر. علما أن هناك مائة ألف أمة وأمة من أمثال نوع البشر تعيش معه على سطح الأرض. فلو راقبنا مثلا أمةً واحدة منها في فصل الربيع ولتكن النحل أو العنب لرأينا أنفسنا أمام معجزات عظيمة جدا تستحق أن تُلفت إليها الأنظارُ أكثر مما تستحقه تلك الحوادثُ البشرية بأضعافِ أضعافِ المرات. بل هي تُحرِّك الفضولَ والاهتمامَ -لدى إنعام النظر فيها- وتورث الإنسانَ لذائذ روحية وأذواقا معنوية.
لذا فليس صحيحا ألّا يُعبأ بتلك اللذائذ المعنوية الحقيقية وأن تُترك، وأن تُلتفَت إلى
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
ذُكر في المسألة الرابعة من رسالة الثمرة ما ملخصه:
إن سبب عدم تدخلي في الشؤون السياسية الدائرة في الأرض، هو أن وظيفة الإنسان ومهمته في تلك الدائرة الواسعة قليلة وصغيرة إلّا أنها تثير الفضول لدى المهتمين بها والمتلهفين إلى تتبع الأحداث. حتى إن الاهتمام بتلك الوظائف الثانوية تُنسيهم وظائفَهم الحقيقية الجليلة أو تدعها ناقصة مبتورة، فضلا عن أنها تورث الانحياز والميل إلى إحدى الجهات، وعندها لا يجد المرء بأسا من ظلم الظالمين في الجهة التي انحاز إليها، بل قد يرتاح إليه. فيكون عندئذٍ مشاركا لهم في الإثم.
فيا أيها الشقاة الذين يتلذذون من الغفلة المسكرة الناشئة من متابعة الحوادث الخارجية نتيجة الفضول والاهتمام!
لو كان الفضول والاهتمام وحب الاستطلاع المغروز في فطرة الإنسان هو الذي يدفعكم -من حيث الإنسانية- إلى هذا التتبع والاهتمام، وعلى حساب الوظائف الجليلة الضرورية المفروضة. نعم، لو قلتم: إن هذه أيضا حاجة فطرية معنوية. فأنا أقول:
كما أن الإنسان يُثار لديه الفضول وحب الاستطلاع عندما يشاهد إنسانا ذا رأسين أو ذا ثلاثة أرجل، بينما لا يهتم بخلق الإنسان السوي الحافل بالمعجزات ولا يُنعِم النظر فيه؛
كذلك الحوادث الجارية في البشرية تلفت نظرَ الإنسان إليها حيث تغطي مساحة واسعة من الأخبار، بينما هي حوادث فانية موقتة بل مدمّرة في هذا العصر. علما أن هناك مائة ألف أمة وأمة من أمثال نوع البشر تعيش معه على سطح الأرض. فلو راقبنا مثلا أمةً واحدة منها في فصل الربيع ولتكن النحل أو العنب لرأينا أنفسنا أمام معجزات عظيمة جدا تستحق أن تُلفت إليها الأنظارُ أكثر مما تستحقه تلك الحوادثُ البشرية بأضعافِ أضعافِ المرات. بل هي تُحرِّك الفضولَ والاهتمامَ -لدى إنعام النظر فيها- وتورث الإنسانَ لذائذ روحية وأذواقا معنوية.
لذا فليس صحيحا ألّا يُعبأ بتلك اللذائذ المعنوية الحقيقية وأن تُترك، وأن تُلتفَت إلى
Yükleniyor...