الالتزام بالاقتصاد والقناعة والبركة، بل لا أستطيع أن أمدّ يدي إلى أموال الدنيا، فذلك خارج طوقي وإرادتي.

وسأبين سبباً دقيقاً واحداً من بين الأسباب الكثيرة:

أتى صديق حميم تاجر، بمقدار من الشاي يبلغ ثمنه ثلاثين قرشاً، فلم أقبله. فقال: لا تردّني خائباً يا أستاذي، لقد جلبته لك من إسطنبول! فقبلته ولكن دفعت له ضعف ثمنه. فقال: لِمَ تتعامل هكذا يا أستاذي، ما الحكمة فيه؟ قلت: لئلا أُنزل قيمة الدرس الذي تتلقاه -وهو بقيمة الألماس- إلى قيمةِ قِطَع زجاجية تافهة. فإنني أدَعُ نفعي الخاص لأجل نفعك أنت!

نعم، إن درس الحقيقة الذي تأخذه من أستاذ لا يتنازل إلى حطام الدنيا ولا تزل قدمه إلى الطمع والذل، ولا يطلب عوضاً عن أدائه الحقَّ والحقيقة، ولا يضطر إلى التصنع.. هذا الدرس هو بقيمة الألماس؛ بينما الدرس الذي يُتلقى من أستاذ اضطر إلى أخذ الصدقات، وإلى التصنع للأغنياء وإلى التضحية حتى بعزته العلمية، في سبيل جلب أنظار الناس إليه، فمال إلى الرياء أمام الذين يتصدّقون عليه. وبهذا جوّز أخذ ثمرات الآخرة في الدنيا. أقول: إن هذا الدرس نفسه يَهُون في هذه الحالة إلى مستوى قطع زجاجية.

∗ ∗ ∗


[الشعور الأخوي الخالص]

أخي العزيز الوفي الصادق النشط، ويا صاحبي في الخدمة القرآنية السيد رأفت!

إن العمل الذي تؤديه في خدمة القرآن الكريم عمل مبارك كله، وفقكم الله في مسعاكم وزاد شوقكم إلى العمل أكثر، دون أن ينال منكم الفتور والملل.

إن وظيفتكم هذه أهم من الاستنساخ اليدوي، ولكن لا تدعه أيضا. سأبين لكم دستورا في الأخوة عليكم الأخذ به بجد:

إن الحياة نتيجةُ الوحدة والاتحاد، فإذا ذهب الاتحاد المندمج الممتزج، فالحياة المعنوية


Yükleniyor...