الحقيقة الأولى:

لقد شعر سعيد القديم بحس مسبَق بحادثتين عجيبتين. ولكن كان يقتضي التعبيرَ كما في الرؤى الصادقة. إذ لو نظر أحدُهم إلى شيء أبيض من خلال ستار أحمر فإنه يراه أحمر، فسعيد القديم كذلك نظر إلى تلك الحقيقة من خلال ستار السياسة الإسلامية فأبدلت صورةُ الحقيقة شكلَها شيئا ما. وقد عرف ذلك الوليُّ الصالح الحاضر في المجلس خطأَ سعيد القديم فاعترض عليه من تلك الجهة.

وتلك الحقيقة قسمان:

القسم الأول: سيظهر نورٌ ساطع عظيم في المملكة العثمانية، حتى كان سعيد يبشر به طلابه قبل عهد الحرية ولمرات عديدة مسرّيا عنهم، وأن ذلك النور سيحقق السعادة لهذا الوطن رغم التخريبات والفساد المشاهَد. وهكذا أظهرت رسائلُ النور -بعد أربعين سنة- تلك الحقيقة حتى للعيون المطموسة.

فلقد عبّر سعيد القديم عما استشعره من منافعِ ذلك النور الجليلة الواسعة وبنوعيتها الراقية، فكأن ذلك النور سيظهر في المملكة العثمانية كلها مشاهدا إياه من خلال السياسة من دون أن يأخذ بنظر الاعتبار كمية النور القليلة وسعته الضيقة.

فكان سعيد القديم محقا إلى حدٍ ما كما أن ذلك الولي محقٌّ ومصيب في اعتراضه برؤيته الدائرة الضيقة واسعة.

لأن دائرة رسائل النور الضيقة واسعةٌ جدا من حيث إنقاذها الإيمان. حيث إنها تنقذ الحياة الأبدية. فمليون من طلابها في حكم المليار. أي إن محاولة إسعاد ألفٍ من الأشخاص في الآخرة أفضل بكثير من إسعادهم في حياتهم الدنيوية والمدنية، وأوسع منها معنى، فذلك الذي شاهده سعيد القديم بذلك الحس المسبَق الشبيه بالرؤيا الصادقة. أي إن ذلك النور الضيق سيحيط بالمملكة العثمانية كلها.

ولعل الله سيجعل تلك الدائرة الواسعة منوَّرة بنمو ما تزرعه رسائلُ النور من بذور نورانية. وعندها تتبين صحةُ تعبيره الخطأِ.


Yükleniyor...