نبين أدناه أنموذجين اثنين ليكونا موضع عبرة وعظة:

الأنموذج الأول:

هو لفت نظر عدد من طلاب رسائل النور الخواص المرتبطين ارتباطا قويا بخدمة النور، وصرفُ تفكيرهم إلى جهةٍ غير الخدمة، بإشغالهم بمشارب روحانية ذات أذواق، مما يفتتّ صلابتهم ويوهن ارتباطهم الوثيق، أو بإشغالهم بتلقي الأخبار عن الأموات، المسمى بتحضير الأرواح، وهو مخابرة مع الجن، أو بإشغالهم بالتنبؤ عن أخبار مستقبلية كما كان لدى الكهان السابقين، فكأنهم يتصلون مع أولياء عظام أو حتى مع الأنبياء عليهم السلام، ويُجرون معهم ما يشبه المحاورة.. وأمثال هذه الأمور.

ولما كانت هذه المسألة (تحضير الأرواح والتنبؤ بالغيب) آتيةً من الأجانب ونابعةً من الفلسفة فقد تؤدى إلى أضرار جسيمة بالمؤمنين، حيث يمكن استعمالها استعمالا سيئا، إذ لو كان فيها صدقٌ واحد ففيها عشرةُ أكاذيب. ولا محكَّ ولا مقياسَ لتمييز الصدق عن الكذب. وبهذه الوسيلة يُلحق الجن -الذين يُعينون الأرواح الخبيثة- الضررَ بقلب المنشغل بها وبالإسلام أيضا؛ ذلك لأنها إخبارات تنافي حقائقَ الإسلام وتعارض عقائدَه العامة مع أنها تزاوَل باسم أمور روحية معنوية، حيث يوحون بأنهم أرواحٌ طيبة مع أنهم أرواح خبيثة، بل إنهم يسعون للإخلال بالأسس الإسلامية، أو يتفوهون بكلمات مقلّدين أسماء أولياءٍ عظام، وبهذا يستطيعون تغيير الحقيقة والتمويه على السذج الذين يكونون ضحية خداعاتهم..

فلو قالت جلوة الشمس التي تُشاهَد في قطعة زجاج صغيرة -متكلمة باسمها- إن ضيائي يستولي على الدنيا وحرارتي تحمي كل شيء، وأنا أكبر بمليون مرة من الكرة الأرضية. كم يكون كلامُها خلافا للحقيقة!

فالنبي الذي في مقامه الحقيقي الرفيع كالشمس الساطعة، لا يمكن أن تتكلم جلوتُه باسمه، لدى تحضير الأرواح أو التنبؤ بالمستقبل. ولو تكلمتْ باسم النبي لكان كلامُها مخالفا كليا بمئات الأضعاف. فلا يمكن قياسُ ظهورِ جلوة جزئية لدى تحضير الأرواح أو التنبؤِ بالمستقبل أصلا وقطعا بالماهية السامية الرفيعة لصاحب الوحي الذي هو كالشمس المعنوية، لذا لا يمكن جلبُ تلك الحقيقة العظمى قطعا، بل إن جلبها سوءُ أدب وإهانةٌ وعدمُ احترام

Yükleniyor...