إنني ما كنت أجد في نفسي قابلية ولا مزيّة ولا أهليّة فائقة لتلك الخوارق التي مرت في حياتي، لذا كنت أتقلب في حيرة. بل ما أجد في نفسي كفاءة لتدبير أمورها وارتباطها بعلاقات بالمجتمع فكيف لها بدهاء خارق وولاية خارقة؟

نعم، لقد ظهرت حالاتٌ جَلبت الأنظارَ إليّ، ولكنها كانت خارجة عن إرادتي واختياري، حتى بدت كأنها نوع من جلب الإعجاب، وما كانت إلّا من قبيل عدمِ تكذيبِ حسنِ الظن الذي كان يحمله الناس نحوي.

ولكن لما كنت أجهل الحكمة في عدم كوني في الحقيقة على ما يظنه الناس بي، ولا أفيد شيئا للدنيا، وها قد أصبحتُ موضع توجه الناس بما يفوقني بألف مرتبة ومرتبة، لذا كنت أتلقى هذا الأمر باعتباره خلافا للحقيقة كليا.

ولكن بفضل الله وكرمه، وألف حمد وشكر له، إذ قد أنعم عليّ فهمَ شيء من حكمة ذلك الأمر، في أواخر أيامي بعد قضاء ما يقرب من ثمانين سنة من العمر.

وسأشير إلى شيء منها. وها أنا أبين قسما من عديد نماذجها:

المثال الأول:

إنه حسب الطرق المتبعة في المدارس الدينية ينبغي دراسة العلوم الشرعية مدة خمس عشرة سنة -في الأقل- كي تحرز الحقائق الدينية والعلوم الإسلامية.

ففي ذلك الوقت لم يبدُ على سعيد ذكاء خارق أو قوة معنوية وحدها، بل ظهرت عليه أيضاً حالة عجيبة كانت خارجة عن نطاق استعداده وقابلياته كلها، بحيث إنه بعد اطلاعه على مبادئ الصرف والنحو خلال سنة أو سنتين، ظهرت عليه الحالة العجيبة، فكأنه أكمل قراءة ما يقرب من خمسين كتابا خلال ثلاثة أشهر، وقد استوعبها وأُجيز عليها وتَسَلَّم الشهادة بإكمالها.

هذه الحالةُ أظهرتْ بعد ستين سنة بوضوح: أن تفسيرا للقرآن الكريم سيظهر ويناول القارئ في فترة قصيرة لا تتجاوز أربعة أشهر العلومَ الإيمانية، وأن ذلك الضعيف «سعيد» سيكون عاملا له وفي خدمته.

Yükleniyor...