ثانيا: في هذه الليلة المباركة خطرَ على قلبي خاطرٌ قوي وهو:

أنه لمناسبة ما كتبه الطلاب الجامعيون في إسطنبول من خوارق عن حياة سعيد القديم وسعيد الجديد في كتاب «تاريخ حياة» تولّد لدى القراء رأيان ونشأت فكرتان هما:

الأول: لقد حصل حسن ظن مفرط لدى الأصدقاء -كما يحصل في الولاية- بما يفوق حدّي بكثير.

الثاني: حصل ظن وشبهة بما هو خارج طوقي بألف مرة لدى المعارضين وأهل الفلسفة، إذ ظنوا وجود دهاء خارق جدا، بل حتى تولّد لدى البعض منهم توهم وجود سحر قوي.

ولقد سُئلتُ في أماكن كثيرة أسئلة تدور حول هذا المعنى، وطلبوا مني جلية الأمر ماديا ومعنويا. وأنا بدوري اضطررت إلى بيان حقيقة ذات مقدمات كثيرة لورود ذلك الخاطر في هذه الليلة.

المقدمة الأولى: إن بذرة شجرة الصنوبر التي هي بحجم حبة الحنطة تكون منشأ لشجرة صنوبر ضخمة. فالقدرة الإلهية تخلق تلك الشجرة العجيبة من تلك البذرة، وقد لا توجد للبذرة إلّا حصة واحدة من مليون حصة من الخلق، حيث سطر فيها قلمُ القدر فهرسا معنويا لتلك الشجرة... فلو لم يسند الأمر إلى القدرة الإلهية للزم وجود مصانعَ تَسَعُ مدينةً كاملة كي تتكون تلك الشجرة العجيبة بأغصانها المتشعبة.

وهكذا فإن إحدى دلائل عظمة الله وقدرته سبحانه هو أنه يخلق من شيء صغير جدا كالذرة، أشياءَ عظيمة عظمة الجبال.

وهكذا بمثل هذا المثال أُعلنُ باقتناع تام وبخالص نيتي ولا أتكلف التواضعَ ونكرانَ الذات فأقول:

إن خدماتي وأحداث حياتي قد أصبحت في حكم بذرة، لكي تكون مبدأ لخدمة إيمانية جليلة، قد منَحت العنايةُ الإلهية منها في هذا الزمان شجرةً مثمرة برسائل النور النابعة من القرآن الكريم.

فأُقسم لكم لتطمئنوا فأقول:


Yükleniyor...