إن مئات المساجين المحكومين في سجن «دنيزلي» -بعضُهم عوقبوا بعقوبات شديدة- قد أصبحوا متدينين ذوي أخلاق فاضلة بعد قراءتهم رسالة «الثمرة» وحدها، حتى الذين قَتلوا ثلاثة أشخاص تحاشَوا عن قتل بقة الفراش بعد قراءتهم لتلك الرسالة. مما دفع هذا الوضع مديرَ السجن على الإقرار بأن السجن أصبح في حُكم مدرسة تربوية.. كل هذا حجة قوية لا تُجرح لصدق مدّعانا.

نعم، إن تجريدي من جميع حقوقي الإنسانية بعد هذا كله إنما هو ظلم مضاعف وعذاب مضاعف وغدر وخيانة لهذه الأمة في الوقت نفسه. ذلك لأن الدليل القاطع على أن هذه الأمة المتدينة -التي لم يجد أحد أيَّ ضرر مني رغم بقائي ما يقرب من أربعين سنة بين ظهرانيهم- بحاجة إلى قوة معنوية وتسَلٍّ عظيم، هو أن الأمة لا تلتفت إلى الدعايات المُغرضة المشاعة ضدي، فتتوجه في كل مكان إلى رسائل النور وتشتاق إليها.. بل أعترف أنهم يبدون من التوقير والاحترام لي يفوق ما أستحقه بمائة ضعف، فأنا لست أهلا له.

لقد سمعت أن المسؤولين عهدوا إلى حكومة هذه المنطقة أمر إعاشتي الدنيوية، وإنني إذ أشكر هؤلاء أعلن لهم:

أن حريتي في أداء واجبي هي أهم من كل شيء. فهي أول ركن من دستور حياتي. وإن سلب حريتي بحبائل الأوهام الكاذبة وتقييدها بقيود الاستبداد والطغيان يجعلني أملّ الحياة مللا شديدا حتى أفضّل القبرَ على هذه الحالة فضلا عن السجن والحبس. إلّا أن الذي يشدّ أزري ويدفعني إلى التحمل والصبر هو الثواب الذي يُجزل بحسب المشقة في سبيل خدمة الإيمان. إن على هؤلاء الذين لا يريدون ظلمي أن يردّوا عليّ حريتي ولا يمسّوها بسوء. إنني أتمكن أن أعيش من دون طعام ولكني لن أعيش من دون حرية.

نعم، إن الذي عاش على مبلغ لم يزد على مائتي ليرة تركية طوال تسع عشرة سنة مع الأخذ بمنتهى الاقتصاد والقيام برياضة روحية شديدة حفاظا على حريته وعزته العلمية من دون أن يعرض نفسه إلى ذلّ الصدقة والمسألة والتوسل بالزكاة والمرتّبات والهدايا.. لا ريب أنه اليوم أحوج ما يكون إلى الحرية ضمن العدالة منه إلى الإعاشة..

إن ما يعوّضُ عن عشرة من الناس يُحال بيني وبينهم، أن هناك عشرات الألوف


Yükleniyor...