التي خلَت لم أسأل ولو لمرة واحدة عمّا يدور على الكرة الأرضية من اضطرابات وقلاقل ولم أهتم بها ولم أرغب في معرفتها ولم أحاول أن أدير البحث حولها. حتى إنني لم أعرف لحد الآن هل انتهت الحرب أم لا ومن هم المحاربون عدا الإنكليز والألمان؟ وأنتم أعلم بهذا.

وأنتم المرافقون لي تعلمون كذلك، أنني لم أستمع إلى الراديو الذي يُسمَع من غرفتي منذ ثلاث سنوات -عدا مرتين- ذلك الجهاز الذي حوّل الناس إلى ثرثارين وحائرين غافلين، ولم أسأل عنه. فالذين يتعرضون لمسلك هذا الرجل الذي لا علاقة له بهذه الأوضاع إلى هذه الدرجة ولا ينظر إليها قطعا، ومن ثم تساورهم الشكوك حوله ويترصدونه ويضايقونه، كم هم بعيدون عن الإنصاف! يصدّق ذلك حتى أبعدهم عن الإنصاف.

المسألة الثانية:

إخواني! تعلمون أننا نهرب -في مسلكنا- من الأنانية والغرور وحب الذات والتطلع إلى نيل المقامات المتسترة بالشهرة، نهرب منها هروبنا من السم القاتل، ونتجنب كثيرا من كل ما يشعر بتلك الحالات.

فعلى سبيل المثال: لقد شاهدتم هنا بأم أعينكم طوال سبع سنوات وأدركتم بتحقيقاتكم وتتبعاتكم منذ عشرين سنة؛ أنني لا أريد إحراز احترام ونيل مقام لشخصي. ولقد نهرتُكم عن ذلك بشدة، وأستاء منكم إن منحتموني منزلةً تفوق حدّي. فلا أقبل إلّا صفة طالب لرسائل النور -التي هي معجزة معنوية للقرآن الحكيم في هذا الوقت- مرتبطٍ بها ارتباط تسليم لها وتصديق بها. والحمد لله والشكر له.

لذا فحتى البلهاءُ يدركون كم هو تافه ولا يعنى شيئا مساورةُ الشكوك والريوب أذهانَ أهل الحكومة والإدارة وأفراد الأمن، تجاه الذين اجتنبوا -إلى هذا الحد- الأنانيةَ والغرور والرياء المتستر تحت الصيت والشهرة وجعلوا هذا التجنب دستورا لحياتهم.

§سعيد النورسي>

∗ ∗ ∗



Yükleniyor...