الحالة فضلا عن تألمنا منها، ولم تتيسر زيارتكم بحرّية إلا منذ شهور فقط. حيث كنا سابقا نأتي خفية وبخوف. نرجو إيضاح هذه المسألة.

الجواب: وأنا في حيرة وعجب مثلكم بل أكثر منكم. فالجواب الواضح لسؤالكم هذا موجود في «اللمعة السابعة والعشرين» وهي لمعة الدفاع أمام المحكمة، وفي «المكتوب السادس عشر».

والآن أُبين باختصار أساسين اثنين:

الأساس الأول: إن من مقتضى وظيفة المسؤولين عن النظام والإدارة وشرطة الأمن، حفاظ مسلكنا والحث عليه، ناهيك عن الوقوع في الشكوك والريوب والأوهام، لأن الحجر الأساس لوظيفتهم الاحترام والرحمة ومعرفة الحلال والحرام. ويمكن أن يسود الأمن والنظام في الحياة الاجتماعية بدساتير الطاعة والانقياد. فرسائل النور تحقق هذه الأسس لدى نظرها إلى الحياة الاجتماعية، وقد ظهرت نتيجتُها فعلا. وحيث إن أهم مركزين لرسائل النور هما إسبارطة وقسطموني، فإن ضباط الأمن إذا ما دققوا بإنصاف سيرون معاونة رسائل النور الواضحة لهم، وذلك قياسا بسائر الولايات.

ثم إنه رغم كثرة طلاب رسائل النور، ورغم ما في أيديهم إلى هذا الحد من القوة والحق، لم يمسّوا الأمن والنظام بشيء، بل لم يخلّ ألف طالب منهم بالحياة الاجتماعية بقدر ما يخل به عشرة أشخاص آخرين. وإن هذا الأمر مشاهد لمن كان له قلب غير فاسد.

إن حكمة هذه المسألة هي أن الإيمان والشريعة والحياة ثلاث مسائل عظيمة في العالم الإسلامي والإنساني. وأعظم هذه الثلاثة هي الحقائق الإيمانية. ولأجل ألّا تكون هذه الحقائق الإيمانية القرآنية أداة لتيارات أخرى ولقوىً أخرى، وللحيلولة دون التهوين من شأن الحقائق القرآنية التي هي بقيمة الألماس إلى قيمة قطع زجاجية متكسرة، ولأجل الإيفاء بالخدمة المقدسة التي هي إنقاذ الإيمان إيفاءً تاما ينفر طلاب رسائل النور الخواص الصادقون نفورا شديدا من السياسة.

حتى إن أخاكم هذا -وأنتم تعلمون- ومنذ ثمانية عشر عاما لم أُراجع الحكومة ولو لمرة واحدة وذلك لئلا أمسّ السياسة والحياة الاجتماعية رغم حاجتي إليها. وهذه الشهور التسعة


Yükleniyor...