فسألنا ذلك الأخ: «من أين تلقيت هذا الإخلاص العجيب». فقال: من نقطتين:
الأولى: إن في غزوة بدر التي هي من أعظم الغزوات الإسلامية، وَضع قسم من المجاهدين أسلحتهم ووقفوا لأداء الصلاة جماعة، بينما القسم الآخر وقفوا مسلحين حذرين، ثم التحقوا بالصلاة كسبا لثواب الجماعة كما أمر به رسول الله ﷺ. فمادامت هذه الرخصة موجودة في الحرب. ومادام ثواب الجماعة رغم كونه سنة قد فضّل على أكبر حادثة في الدنيا لأجل رعاية تلك السنة النبوية فنحن نستلهم من الرسول الأعظم ﷺ هذه النكتة الصغيرة ونتبعها بروحنا وأنفسنا.
الثانية: إن الإمام عليا رضي الله عنه قد طلب من الله سبحانه وتعالى في أماكن كثيرة من قصيدته «البديعية» ولاسيما في أواخرها حاميا يحميه من طروء الغفلة في خشوعه عند وقوفه في الصلاة، فطلب من الرب الجليل عفريتا من الجن ليحميه مما يمكن أن يُحدثه الأعداء من خلل في اطمئنانه وخشوعه في الصلاة.
إن أخاكم هذا المسكين الضعيف الذي قضى صفوة عمره في الأنانية في هذا الزمان، قد تلقى هاتين النكتتين الصغيرتين من سيد الكونين الذي هو سبب خلق الأفلاك، ومن الذي هو أسد الإسلام. وفي زماننا هذا قد أعطى هذا المسكين الضعيف أهمية لأسرار القرآن ولم يعر سمعا لحماية نفسه من الأعداء في الحرب، فبيّن نكتة واحدة فقط من حرف واحد من القرآن الكريم».
سعيد النورسي
Yükleniyor...