نعم، إن رسائل النور التي هي ثمرة واحدة ونتيجة عظيمة كلية لنشاط العلم والمعرفة في الشرق جديرة بأن تلقى اهتمام العاملين للإسلام وهذه الأمة والعالم الإسلامي.

هذا وإن الإقبال على رسائل النور وطلبها في كل من أمريكا وأوروبا وانتشارها هناك تبين أهمية دعوانا هذه.

§مصطفى صونغور>

∗ ∗ ∗


[وصية]

لقد كان منذ القدم دأبُ أستاذنا ألّا يتذلل أمام أعظم الرؤساء، حفاظاً على عزة العلم، بل ما كان يقبل هدايا أحد من الناس دون مقابل. والآن وقد أصبح يرفض الهدايا -التي لا ضير من قبولها لدى أهل العلم- بحجة المرض الذي ضعّفه أشدّ الضعف، بل يرفض حتى ما نقدّمه له نحن الذين نقوم بخدمته ولو كان شيئا صغيراً، فنراه يتمرض إن تناوله. فاقتنعنا أنه أُخطر إلى قلبه مَنعه من إخلال قاعدته التي اتخذها طوال حياته، وهي ألّا تكون رسائل النور أداة لأي شيء كان، حفاظا على الإخلاص التام. ونحن الآن في موسم عيد لرسائل النور حيث تنتشر في الأرجاء كافة. لكننا نجد أن أستاذنا يتضجر من المحاورة ويمتعض من النظر إليه والمصافحة حتى من أخص طلابه وإخوانه.

وشاهدناه يقول في هذه الأيام المباركة للعيد السعيد: «اجعلوا قبري في مكان مخفي غاية الإخفاء، ويلزم ألّا يعرف موضعه أحدٌ عدا واحد أو اثنين من طلابي فقط. هذه وصيتي إليكم؛ فالحقيقة التي منعتني عن المحاورة والمسامرة في الدنيا تمنعني بلاشك بعد وفاتي».

ونحن بدورنا سألنا أستاذنا: إن الذي يزور القبر يقرأ سورة الفاتحة ويُثاب عليها. فما الحكمة من منعكم زيارة قبركم؟ فأجاب: إن الغفلة الناشئة من الأنانية وحب الذات في هذا العصر العصيب تدفع الناس إلى أن يُولوا اهتمامهم إلى مقام الميت وشهرته الدنيوية في أثناء زيارتهم القبور، مثلما عمل الفراعنة في الزمن الغابر على تحنيط موتاهم ونصب التماثيل لهم ونشر صورهم رغبة في توجيه الأنظار إليهم، فتوجهت الأنظار إلى المعنى الاسمي -أي

Yükleniyor...