ثم إن المسلم يختلف عن أفراد الأمم الأخرى، إذ لو تخلّى عن دينه فلا يكون إلّا إرهابياً فوضوياً لا يقيده شيء أياً كان، بل لا يمكن إدارته بأيٍ من وسائل التربية والإدارة إلّا بالاستبداد المطلق والرشوة العامة.

وهناك حجج كثيرة تثبت هذه الحقيقة وأمثلة كثيرة عليها اختصرها محيلاً الأمر إلى فطنتكم.

لا ينبغي لكم أن تتخلّفوا عن الدول الاسكندنافية التي شعرت بحاجتها الشديدة إلى القرآن الكريم في هذا العصر، بل عليكم أن تكونوا قدوة لها ولأمثالها من الدول. فلو أسندتم ذنوب الانقلاب التي حصلت حتى الآن إلى بضعة أشخاص، وسعيتم لتعمير الدمار -ولاسيما بحق الأعراف الدينية- التي نجمت عن ظروف الحرب العالمية وانقلابات أخرى، لقلّدكم سعيكم هذا شرفاً عظيماً في المستقبل ولأصبح كفارة لذنوبكم العظيمة وكنتم أهلاً لصفة أهل الحمية والغيرة على الأمة، لما تقدمون من خدمة للأمة والوطن.

رابعاً: مادام الموت لا يُقتل وباب القبر لا يُغلق، وأنتم ستهرعون إلى القبر كأي إنسان آخر، وأن ذلك الموت -الذي لا مناص منه- إعدامٌ أبديّ لأهل الضلالة، لا تُبدِّله مائة ألف من الدعوات الوطنية وحب الدنيا والإنجازات السياسية، إلّا القرآنُ الكريم الذي يبدل ذلك الإعدامَ الأبدي إلى تذكرةِ تسريح لأهل الإيمان، كما أثبتت ذلك رسائلُ النور الموجودة بين أيديكم والتي لم يعارضها أيُّ فيلسوف ولا أي ملحد كان، بل هي التي جَذبت إلى حظيرة الإيمان كلَّ من قرأها من الفلاسفة بدقة وإنعام. وحتى في ظروف هذه السنين الأربع لم يملك الفلاسفة والعلماء الخبراء ولا محاكمُكم الأربع إلّا الإعجابَ بها وتقديرَها وتصديقها، فلم يعترضوا عليها، لحججها الرصينة في إثبات الحقائق الإيمانية، فضلاً عن أنها لا ضرر يرد منها لهذا الوطن والأمة، بل إنها سد قراني -كسد ذي القرنين- أمام التيارات الرهيبة المهاجمة. ولي مائة ألف شاهد على هذا من الأمة التركية ولاسيما من الشباب المثقف.

فلأجل هذه الأسباب المذكورة فإن واجبكم الأساس هو تبنّي أفكاري هذه التي طرحتها لكم بجد واهتمام. فأنتم تستمعون دائماً إلى الكثيرين من الدنيويين السياسيين، فيلزم الاستماع -ولو قليلاً- إلى ضعيف عاجز مثلي واقف على شفير القبر يبكي على حال المواطنين ويتكلم معكم في سبيل الآخرة.


Yükleniyor...