عذاب موقت- درجةً عظيمة لا تبلغها عقولُنا لسعَتها ورفعتها، فالأولى إذن تهنئتُهم بألوف التهاني من حيث نيلهم تلك الرحمة الواسعة وليس التألم لحالهم الآن. إذ مثلما أنهم حازوا ملايين المراتب والسعادات الباقية في الآخرة، مقابل بضع سنين من المتاعب والآلام، كذلك أصبح كلٌّ منهم سيدا وسلطانا معنويا وإماما في عالم الحقيقة بدلا من سلطنة دنيوية فانية في مدة حياتهم الدنيوية وحاكميتِها الموقتة وسياستِها المضطربة التي لا أهمية لها، وصاروا أئمة الأولياء والأقطاب بدلا من ولاة الولايات... ففوزهم هذا هو فوز عظيم بملايين أضعاف مراتب الدنيا.

ولأجل هذا السر الدقيق فقد أخذت الحقيقة السابقة من أساتذة سعيد الجديد وهم: الإمام الرباني، الشيخ الكيلاني، الإمام الغزالي، والإمام زين العابدين رضي الله عنهم -حيث تلقيت مناجاة «الجوشن الكبير» من هذين الإمامين خاصة- وسيدنا الحسين، والإمام علي رضي الله عنهم جميعا. فالدرس الذي تلقيتُه منهم لدى ارتباطي بهم ارتباطا معنويا دائما -بواسطة الجوشن الكبير- هو تلك الحقيقة... لذا فالمشرب الحالي الوارد من رسائل النور إذن هو مشربُهم الذي ارتشفتُه من منهلهم. لذا لا ينسجم ومشربَنا النظرُ إلى غدر الظالمين، ولا حتى التفكر فيه، حيث قد نال الظالمون عقابهم، والمظلومون ثوابهم بما هو فوق طوق عقولنا، فالانشغال بمثل تلك المسائل يُلحق الضرر بالوظيفة القرآنية التي كُلِّفْنا بها، ولاسيما والمصائب تنزل تترى على الدين في الوقت الحاضر.

إن علماء علم الكلام وأئمة أصول الدين والمحققين الأفذاذ من علماء أهل السنة والجماعة، بعد إجراء تحقيقات وتدقيقات كثيرة حول العقائد الإسلامية وإقامة المحاكمات العقلية والموازنات في ضوء الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ارتضوا بدساتيرَ في أصول الدين، تلك الدساتير تأمر بالحفاظ على مشرب رسائل النور الحالي، وتمدّها بالقوة. ومن هنا لا يستطيع أي أحد -حتى لو كان من أهل البدع وفي أي مكان كان- الاعتراضَ على مشربنا، ولما كانت حقيقةُ الإخلاص محفوظة فيه حفظا تاما يستطيع أيُّ نوع من أنواع أهل الإسلام الدخولَ في دائرة رسائل النور، فالمتعصب في تشيعه، والمغالي في وهابيته، وأشد الفلاسفة مادية وعمقا في العلم، وأكثر العلماء أنانية وتزمتا، قد بدأوا بالدخول معا في دائرة النور، ويعيش قسم منهم الآن إخوة متحابين في تلك الدائرة... حتى إن هناك أمارات بدخول مبشرين

Yükleniyor...