إذ كُتبت من جراء هاتين الرغبتين الشديدتين ملايينُ الكتب بالعربية، فلو قورنتْ تلك الملايينُ من الكتب مع القرآن الكريم، لقال كلُّ من يشاهد ويسمع، حتى أكثرُ الناس عامية، دونك الذكي الحكيم:

إنَّ هذه الكتب بشرية.. وهذا القرآن سماوي.

وسيحكم حتما:

إنَّ هذه الكتب كلها لا تشبه هذا القرآن ولا تبلغ شأوه قطعا.

لذا فإما أنه أدنى من الكل. وهذا معلوم البطلان وظاهر بالبداهة.

إذن فهو فوق الكل.

ولقد فتح أبوابه على مصراعيه للبشر ونشر مضامينه أمامهم طوال هذه المدة الطويلة. ودعا لنفسه الأرواح والأذهان.

ومع هذا لم يستطع البشرُ معارضتَه، ولا يمكنهم ذلك. فلقد انتهى زمن الامتحان.

إن القرآن لا يقاس بسائر الكتب ولا يشبهها قطعا.

إذ نزل في عشرين سنة ونيف نجما نجما -لحكمة ربانية- لمواقع الحاجات نزولا متفرقا متقطعا. ولأسبابِ نزول مختلفة متباينة، وجوابا لأسئلة مكررة متفاوتة، وبيانا لحادثات أحكام متعددة متغايرة، وفي أزمانِ نزولٍ مختلفة متفارقة، وفي حالاتِ تَلَقٍّ متنوعة متخالفة، ولأفهامِ مخاطبين متعددة متباعدة، ولغايات إرشاداتٍ متدرجة متفاوتة.

وعلى الرغم من هذه الأسس فقد أظهر كمال السلاسة والسلامة والتناسب والتساند في بيانه وجوابه وخطابه، ودونك علم البيان وعلم المعاني.

وفي القرآن خاصية لا توجد في أي كلام آخر: لأنك إذا سمعت كلاما من أحدٍ فإنك ترى صاحب الكلام خلفه أو فيه؛ فالأسلوب مرآة الإنسان.

أيها السائل المثالي!

لقد أردت الإعجاز، وها قد أشرتُ إليه.

Yükleniyor...