لا يقابلهم إلا معمِّر واحد وهو رسائل النور. فمقاومة خدام القرآن الكريم وحدهم تلك التخريباتِ المريعةَ إنما هي عمل خارق جداً. فلو كانت هاتان القوتان المتقابلتان على مستوى واحد من القوة، لكنت ترى في التعمير والبناء -الروحي والأخلاقي- خوارقَ وفتوحات عظيمة جداً.

ولنضرب مثلاً واحداً فقط: إن أعظم ركيزة في الحياة الاجتماعية هي توقير الصغير للكبير ورحمة الكبير للصغير، إلا أننا نرى أن هذا الأساس قد تصدع كثيراً، حتى إننا نسمع أخباراً مؤلمة جداً، وحوادث مفجعة جداً تجاه الآباء والأمهات، تقع من جراء خراب هذا الأساس الراسخ.

ولكن بفضل الله فإن الرسائل القرآنية أينما حلت قاومت الدمار، وحالت دون تهدم هذا الأساس الاجتماعي المتين، بل حاولت تعميره.

فكما يعيث يأجوج ومأجوج في الأرض الفساد بخراب سد ذي القرنين، فإن فساداً أبشع من فساد يأجوج ومأجوج قد دبّ في العالم وأحاطه بظلمات الإرهاب والفوضى وعمت الحياة والأخلاق مظالم شنيعة وإلحاد شنيع.. فظهر الفساد في البر والبحر، نتيجة تزلزل السد القرآني العظيم، وهو الشريعة المحمدية الغراء.

لذا فإن الجهاد المعنوي لطلاب النور ضد هذا التيار الجارف يُعدّ -بإذن الله- جهاداً عظيم الثواب، إذ فيه قبس من جهاد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم الذين يثابون بعملٍ قليل ثواباً عظيماً.

فيا إخوتي الأعزاء! في مثل هذه الأوقات العصيبة، وأمام هذه الأحداث الجسام، فإن أعظم قوة لدينا -بعد قوة الإخلاص- هي قوة «الاشتراك في الأعمال الأخروية» إذ يَكتب كلٌ منكم في دفتر أعمال إخوته حسناتٍ كثيرة مثلما يُرسل بلسانه الإمدادَ والعون إلى قلعة التقوى وخنادقها. وإن أخاكم الفقير والعاجز هذا «السعيد» الذي اشتدت عليه غارات الهجوم من كل جهة، هو أحوج ما يكون إلى مساعدتكم في هذه الأشهر الثلاثة المباركة، وفي هذه الأيام المشهودة. ولا أستبعد هذا منكم قط، فأنتم أهل لهذا السعي، وأنتم الأبطال الأوفياء المشفقون على حال أخيكم، وأنا أطلب منكم هذا الإمداد المعنوي بكل جوارحي ومن صميم روحي.


Yükleniyor...