وحينما كان الحسن البصري يحدّث بهذا إلى طلابه يبكي ويقول:

«يا عباد الله! الخشبةُ تحِنّ إلى رسول الله ﷺ شوقاً إليه لمكانه فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه». (181)

ونحن نقول: نعم! إن الاشتياق إليه ومحبتَه إنما هو باتباع سنته السَّنية وشريعته الغراء.

نكتة مهمة

فإن قيل: لِمَ لم تشتهر تلك المعجزاتُ التي تخص البركةَ في الطعام والتي أشبعت ألفاً من الناس في غزوة الخندق بصاع من طعام، ولا تلك المعجزات التي تخص الماء التي أروَت ألفاً من الناس بما فار من الماء من أصابع الرسول المباركة ﷺ. لِمَ لم تنقلا بطرق كثيرة مثلما اشتهرت معجزةُ حنين الجذع ونُقلت. مع أن كلا من تلك الجماعتين -التي وقعت المعجزة أمامهما- أكثرُ من جماعة معجزة حنين الجذع؟

الجواب: إن المعجزات التي ظهرت قسمان:

أحدهما: ما يظهر على يد النبي ﷺ لتصديق دعوى النبوة، ويكون حجةً لها، فيزيد إيمان المؤمنين ويسوق أهلَ النفاق إلى الإخلاص والإيمان، ويدعو أهل الكفر إلى حظيرة الإيمان. ومعجزةُ حنين الجذع من هذا القبيل، لذلك رآها العوام والخواص واعتُني بنشرها أكثر من غيرها.

أما معجزةُ الطعام ومعجزةُ الماء، فهي كرامة أكثر من كونها معجزة، بل إكرام إلهي أكثر من الكرامة، بل ضيافة رحمانية -حسب ما دعت إليه الحاجةُ- أكثر من إكرام إلهي. فهما وإن كانتا دليلين على دعوى النبوة، ومعجزتين لها، إلّا أن الغاية الأساس هي أنَّ الجيش الذي يبلغ قوامُه زُهاء ألفَ رجل، كان في حاجة ماسة إلى الطعام والشراب فأمدّهم الله سبحانه


Yükleniyor...