أيها الأخ التركي !

احذر وانتبه ! أنت بالذات، فإن قوميتك امتزجت بالإسلام امتزاجاً لا يمكن فصلها عن الإسلام، ومتى ما حاولتَ عزلها عن الإسلام فقد هلكتَ إذن وانتهى أمرُك. ألا ترى أن جميع مفاخرك في الماضي قد سُجّل في سجل الإسلام، وأن تلك المفاخر لا يمكن أن تُمحى من الوجود قطعاً فلا تمحِها أنت من قلبك بالاستماع إلى الشبهات التي تثيرها شياطينُ الإنس.

المسألة الخامسة: إنَّ الأقوام المتيقظة في آسيا، قد تمسّكوا بالقومية، وحذَوا حذو أوروبا في كل النواحي. حتى ضحّوا بكثير من مقدساتهم في سبيل ذلك التقليد.

والحال أن كل قوم يلائمه لباس على قدّه وقامته، وحتى لو كان نوعُ القماش واحداً فإنه يلزم الاختلاف في الطراز. إذ لا يمكن إلباس المرأةَ ملابس الشرطي، ولا يمكن إلباس العالم الديني ملابس الخليعات.

فالتقليد الأعمى يؤدي في كثير من الأحيان إلى حالة من الهزء والسخرية كهذه.. لان:

أولا: إن كانت أوروبا حانوتاً، أو ثكنة عسكرية، فإن آسيا تكون بمثابة مزرعة أو جامع. وإن صاحب الحانوت قد يذهب إلى المسرح، بينما الفلاح لا يكترث به. وكذلك تتباين أوضاعُ الثكنة العسكرية والمسجد أو الجامع.

ثم إنَّ ظهور أكثر الأنبياء في آسيا، وظهور أغلب الحكماء والفلاسفة في أوروبا، رمزٌ للقدر الإلهي وإشارة منه إلى أن الذي يوقظ أقوامَ آسيا ويدفعهم إلى الرقي ويحقِّق إدامة إدارتهم هو الدينُ والقلب. أما الفلسفة والحكمة فينبغي أن تعاونا الدين والقلب لا أن تحلا محلهما.

ثانياً: لا يقاس الدين الإسلامي بالنصرانية، إذ إن تقليد الأوروبيين في إهمالهم دينَهم تقليداً أعمى خطأ جسيم؛ لأن الأوروبيين متمسكون بدينهم أولاً، والشاهد على هذا، في المقدمة (ولسن)(∗) و(لويد جورج)(∗) و(فينزيلوس)(∗) وأمثالهم من عظماء الغرب، فهم متمسكون بدينهم كأي قَسٍّ متعصب. فهؤلاء شهود إثبات أن أوروبا مالكةٌ لدينها بل تعدّ متعصبة.


Yükleniyor...