أئمة المعتزلة يطرده أهل السنة المحققون ويعدّون آراءه مردودة مع أنه أخف تعصباً من السابق بكثير، كان هذا يأخذ قسطاً كبيراً من تفكيرى، ثم فهمت بلطف إلهي:

أنَّ اعتراضات «الزمخشري» على أهل السنة نابعةٌ من محبة الحق الذي يدعو إليه مسلكُه، الذي يظنه حقاً كقوله: «إنَّ التنزيه الحقيقي لله سبحانه هو بأن يكون الأحياء -في نظره- هم خالقين لأفعالهم»، لذا فلمحبته الناشئة من تنزيه الحق سبحانه يردّ قاعدةَ أهل السنة في خلق الأفعال. أما سائر أئمة الاعتزال المرفوضين فإنهم ما أنكروا سبيل أهل السنة لفرط محبتهم الحق، وإنما لقصور عقولهم عن دساتير أهل السنة السامية، وعجز عقولهم الضيقة عن استيعاب قوانين أهل السنة الواسعة. لذا فإن أقوالَهم مردودة وهم مطرودون.

فكما أن مخالفة المعتزلة لأهل السنة هذه بشكلين، وهي الواردة في كتب علم الكلام فإن أهل الطريقة الخارجين عن السنة المطهرة ومخالفتهم لها أيضاً من جهتين:

الأولى: أن ينجذب الوليّ لحاله ونهجه كانجذاب «الزمخشري» لمذهبه غير مهتم إلى حدٍّ ما بآداب الشرع التي لم يبلغ أذواقها بعد.

الثانية: أن ينظر الولي إلى آداب الشريعة أنها غيرُ ذات أهمية أصلاً بالنسبة لدساتير الطريقة وقواعدها (حَاشَ لله) لكونه قد عجز عن أن يستوعب تلك الأذواق الواسعة، فمقامه القصير لا يستطيع أن يبلغ تلك الآداب الرفيعة.

التلويح الثامن

وفيه ثمانية مزالق و ورطات:

الأولى: إنَّ الورطة التي يسقط فيها سالكون من الطرق الصوفية -ممن لا يتبعون السنة النبوية على الوجه الصحيح- هي اعتقادهم بأرجحية الولاية على النبوة! ولقد أثبتنا مدى سمو النبوة على الولاية وخفوت ضوء الأخيرة أمام نور النبوة الساطع في «الكلمة الرابعة والعشرين» و «الكلمة الحادية والثلاثين» من كتاب «الكلمات».

الثانية: وهي تفضيل قسمٌ من المفرِطين، الأولياءَ على الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، بل رؤيتُهم في مرتبة الأنبياء عليهم السلام. وقد شرحنا في «الكلمة الثانية عشرة» و «الكلمة السابعة والعشرين/الاجتهاد» وفي ذيلها الخاص بالصحابة كيف أنَّ للصحابة الكرام


Yükleniyor...