ومن هذا فإن عظماء النصارى يكونون متعصبين لدينهم، مع أنهم يحافظون على غرورهم وأنانيتهم رغم ما يتسنّمون من مهام دنيوية كبيرة، مثال ذلك: رئيس أمريكا (ولسن) الذي كان رجل دين متعصباً.

بينما في الإسلام الذي هو دين التوحيد الخالص، ينبغي للمتقلدين للوظائف الكبيرة في الدولة أن يدَعوا غرورَهم ويتركوا أنانيتهم، أو لا يبلغون التدين الحق، ولهذا يظل قسمٌ منهم مهملين أمور الدين، بل قد يكون منهم خارجين عن الدين.

المسألة السادسة: نقول لأولئك الذين يغالون في العنصرية وفي القومية السلبية.

أولاً: لقد حدثت هجراتٌ كثيرة جداً في بقاع الأرض كلِّها ولاسيما في بلادنا هذه، منذ سالف العصور. وتعرضت أقوامٌ كثيرة إلى تغيرات وتبدلات كثيرة، وازدادت تلك الهجرات إلى بلادنا بعد أن أصبحت مركزاً للحكومة الإسلامية حتى حامت سائر الأقوام كالفراش حولها، وألقتْ بنفسها فيها واستوطنتها. فلا يمكن -والحال هذه- تمييز العناصر الحقيقية بعضها عن بعض إلّا بانفتاح اللوح المحفوظ.

لذا فبناء المرء أعمالَه وحميتَه على العنصرية لا معنى له البتة، فضلاً عن أضرارها.

ولأجل هذا اضطرّ أحدُ دعاة العنصرية والقومية السلبية -الذي لا يقيم وزناً للدين- أن يقول: إذا اتحد الدين واللغة فالأمة واحدة.

ولما كان الأمر هكذا فلابد من النظر إلى اللغة والدين والروابط الوطنية لا إلى العنصرية الحقيقية. فإن اتحدت هذه الثلاثة، فالأمة قوية إذن بذاتها. وإن نقص أحد هذه الثلاثة فهو داخل أيضاً ضمن القومية.

ثانياً: نبين فائدتين -على سبيل المثال- من مئات الفوائد التي تكسبها الحَمية الإسلامية المقدسة للحياة الاجتماعية لأبناء هذا الوطن.

الفائدة الأولى: إنَّ الذي حافظ على حياة الدولة الإسلامية وكيانها -رغم أن تعدادها عشرون أو ثلاثون مليوناً- تجاه جميع دول أوروبا العظيمة، هو هذا المفهوم النابع من القرآن الذي يحمله جيشُها: «إذا متُّ فأنا شهيد وإن قُتلتُ فأنا مجاهد».. هذا المفهوم دفع أبناء هذا الوطن إلى استقبال الموت باسمين، مما هزّ قلوبَ الأوروبيين وأرهبَهم.

Yükleniyor...