فَقِسْ على هذين المثالين لتعلَم كيف بيّن السابقون من أهل الحقيقة ما في كلمات القرآن من الوجوه العديدة والعلاقات والأواصر والارتباطات التي تربطها مع سائر جُمَله وآياته. ولاسيما علماء علم حروف القرآن، فقد أَوغلوا كثيراً في هذا الموضوع، وأَثبتوا بدلائل: أن في كل حرف من القرآن الكريم أسراراً دقيقة تَسَع صحيفة كاملة من البيان والتوضيح.

نعم، ما دام القرآن الكريم كلامَ رب العالمين وخالق كل شيء، فكلُّ كلمة من كلماته إذن بمثابة نواة، أي يمكن أن تكون تلك الكلمة نواةً تنبت منها شجرةٌ معنوية من الأسرار والمعاني، أو بمثابة قلب تتجسد حولَه المعاني والأسرار.

لذلك نقول: نعم، إنَّ في كلام البشر ما يشبه كلمات القرآن وجُمَله وآياته، إلّا أن تلك الآية الكريمة أو الكلمة والجملة القرآنية قد وُضعَت في موضعها الملائم لها بحيث روعي في وضعها كثيرٌ جداً من الارتباطات والعلاقات مما يلزم علماً محيطاً كلياً كي يضعَها في ذلك الموقع اللائق به.

النكتة الثالثة

لقد أنعم الله سبحانه وتعالى عليّ يوماً تفكراً حقيقياً حول مُجمَل ماهية القرآن الحكيم فأدوّن ذلك التفكر كما ورد للقلب باللغة العربية، ثم أُورد معناه.

سُبْحَانَ مَنْ شَهِدَ عَلٰى وَحْدَانِيَّتِه وَصَرَّحَ بِأَوْصَافِ جَمَالِه وَجَلَالِه وَكَمَالِهِ الْقُرْأٰنُ الْحَكيمُ الْمُنَوَّرُ جِهَاتُهُ السِّتُّ الْحَاوي لِسِرِّ إِجْمَاعِ كُلِّ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ وَاْلأَوْلِيَاءِ وَالْمُوَحِّدينَ الْمُخْتَلِفينَ فِي الْأَعْصَارِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَسَالِكِ الْمُتَّفِقينَ بِقُلُوبِهِمْ وَعُقُولِهِمْ عَلٰى تَصْديقِ أَسَاسَاتِ الْقُرْأٰنِ وَكُلِّيَّاتِ أَحْكَامِهِ عَلٰى وَجْهِ الْإِجْمَالِ وَهُوَ مَحْضُ الْوَحْيِ بِإِجْمَاعِ الْمُنْزِلِ وَالْمُنْزَلِ وَالْمُنْزَلِ عَلَيْهِ وَعَيْنُ الْهِدَايَةِ بِالْبَدَاهَةِ وَمَعْدِنُ أَنْوَارِ الْإيمَانِ بِالضَّرُورَةِ وَمَجْمَعُ الْحَقَائِقِ بِالْيَقينِ وَمُوصِلٌ إِلَى السَّعَادَةِ بِالْعِيَانِ وَذُو الْأَثْمَارِ الْكَامِلينَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَمَقْبُولُ الْمَلَكِ وَالْإِنْسِ وَالْجَانِّ بِالْحَدْسِ الصَّادِقِ مِنْ تَفَاريقِ الْأَمَارَاتِ وَالْمُؤَيَّدُ بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ الْكَامِلينَ وَالْمُصَدَّقُ مِنْ جِهَةِ الْفِطْرَةِ السَّليمَةِ بِشَهَادَةِ اطْمِئْنَانِ الْوِجْدَانِ وَالْمُعْجِزَةُ الْأَبَدِيَّةُ الْبَاقي وَجْهُ إِعْجَازِه عَلٰى مَرِّ الزَّمَانِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُنْبَسِطُ دَائِرَةُ إِرْشَادِه مِنَ الْمَلَإِ الْأَعْلٰى إِلٰى مَكْتَبِ الصِّبْيَانِ يَسْتَفيدُ مِنْ

Yükleniyor...