ثم -بهذا الأمر- سيتولد انشقاقٌ عظيم في أمة الترك، انشقاقٌ أبدي غير قابل للالتئام، وحينئذٍ تتلاشى قوةُ الأمة وتذهب هباءً، إذ كل شقٍّ يحاول هدم الشق الآخر. فكما إن وجد جبلان في كفتي ميزان، فإن قوة ضئيلة جداً تؤدي دوراً مهماً بين تلك القوتين، إذ تقدر أن تنزل إحداها إلى الأسفل وترفع الأخرى إلى الأعلى.

السؤال الثاني: عبارة عن إشارتين:

الإشارة الأولى: وهي الإشارة الخامسة. وهي جواب مختصر جداً لسؤال مهم:

السؤال: هناك روايات صحيحة عديدة حول ظهور «المهدي»، وإصلاحه لهذا العالم بعد فساده في آخر الزمان، إلّا أننا نعلم أن هذا العصر هو عصر الجماعة، لا الفرد، لأن الفرد مهما أوتي من دهاء -بل حتى لو كان في قوة مائة داهية- ولم يكن ممثلاً لجماعة عظيمة، ولم يكن معبراً عن الشخصية المعنوية لها، فإنه مغلوب أمام قوة الشخصية المعنوية للجماعة المناوئة له. فكيف إذن يمكن «للمهدي» -مهما بلغ من قوة الولاية- أن يقوم بالإصلاح في هذا الزمان الذي استشري فيه الفسادُ وعمّ المجتمعات البشرية، وإن كانت أعمالُه كلها خارقة للعادة لخالفت إذن الحكمة الإلهية الجارية في الكون وسننَه المطردة فيها. والخلاصة نريد أن نفهم سرّ مسألة «المهدي».

الجواب: إنَّ الله سبحانه وتعالى، لكمال رحمته، ودليل حمايته للشريعة الإسلامية واستمراريتها وخلودها، قد أرسل في كل فترة من فترات فساد الأمة مصلحاً، أو مجدداً، أو خليفة عظيماً، أو قطباً أعظم، أو مرشداً كاملاً من الأشخاص العظام الأفذاذ ممن يشبهون «المهدي»، فأزال الفساد، وأصلحَ الأمة وحافظ على الدين.

وما دامت سنةُ الله قد جرت هكذا، مما لاشك فيه أنه سبحانه وتعالى سيبعث في أشد أوقات الفساد، في آخر الزمان، من هو أعظم مجتهد وأعظم مجدد، وأعظم قطب، ويكون في الوقت نفسه حاكماً ومهدياً ومرشداً، وسيكون من أهل البيت النبوي.

وأن القدير الذي يملأ ما بين السماء والأرض بالسحب، ثم يُفرغه في دقيقة واحدة لقادر على تهدئة عواصف البحر الجامحة في طرفة عين.. وأن القدير ذا الجلال الذي يوجِد في ساعةٍ من أيام الربيع نموذجَ فصل الصيف، ويوجِد في ساعة من أيام الصيف زوبعةً من زوابع


Yükleniyor...