وهكذا هناك أمثلة غزيرة تربو على الثمانمائة مثال، كالتي ذكرناها، وقد بيّنت كتبُ الأحاديث والسيَر معظمَها.

نعم، لما كانت اليدُ المباركة للرسول الكريم ﷺ كصيدليةِ لقمان الحكيم، وبصاقُه كماء عين الحياة لخضر عليه السلام، ونفثُه كنفث عيسى عليه السلام في الشفاء، وأن بني البشر يتعرضون للمصائب والبلايا، فلا ريب أنه قد أُتى إليه ما لا يُحد من المرضى والصبيان والمجانين ولا شك أنهم قد شفوا جميعاً من أمراضهم وعاهاتهم. حتى إن طاووساً اليماني وهو من أئمة التابعين المشهور بزهدِه وتقواه إذ حجّ أربعين مرةً وصلى صلاة الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة، ولقيَ كثيراً من الصحابة الكرام، هذا العالم الجليل يخبر جازماً فيقول: «ما من مجنون جاء إلى النبي ﷺ ووضع يدَه الشريفة على صدره إلّا شُفي من جنونه».

فإذا أخبر إمامٌ كالطاووس اليماني -الذي أدرك الصحابةَ الكرام- هذا الخبرَ الجازم فلا ريب أنه قد جاء إلى النبي ﷺ كثيرٌ جداً من المرضى، ربما يبلغ الألوف وكلُّهم شفوا من أمراضهم.

الإشارة الرابعة عشرة

ومن أنواع معجزاته ﷺ نوعٌ عظيم، وهو الخوارق التي ظهرت بدعائه. فهذا النوع لاشك فيه ومتواترٌ تواتراً حقيقياً، وأمثلتُها وجزئياتُها وفيرة جداً لا تُحصر، وقد بلغ كثيرٌ من أمثلتها درجة المتواتر، بل صارت مشهورةً قريبة من التواتر، ومنها ما نقله أئمةٌ عظام بحيث يفيد القطعية فيه كالمتواتر المشهور.

ونحن هنا نذكر على سبيل المثال بعضاً من أمثلتها الكثيرة جداً التي هي قريبة من المتواتر، أو التي هي بدرجة المشهور، كما سنذكر جزئياتٍ من كل مثال:

المثال الأول: روى أئمةُ الحديث وفي مقدمتهم البخاري ومسلم أن دعاء النبي ﷺ للاستسقاء كان يُستجاب في الحال، وحدث ذلك مراراً كثيرة، حتى إنه كان يرفع يديه أحياناً للاستسقاء وهو على المنبر، فيُستجاب له قبل أن ينزل، (243) وهذه الروايات ثابتةٌ بلغت حدّ

Yükleniyor...