والنتيجة: إن شموليةَ اللغة العربية الفصحى وسعتَها، والبيان المعجز في الألفاظ القرآنية، تحولان دون ترجمة تلك الألفاظ، ولذلك لا يمكن ترجمتها قطعاً، بل إنه محال. ومن كان يساوره الشك في هذا فليراجع «الكلمة الخامسة والعشرين» في المعجزات القرآنية ليرى منزلة الآية الكريمة بإعجازها وتشعبها وشمولها وجمالها ومعناها الرفيع وأين منها «الترجمة» التي هي معنى مبتور بل ناقص وقاصر.

المسألة التاسعة

مسألة مهمة خاصة تكشف سراً من أسرار الولاية.

إن أهل الحق والاستقامة الذين يُطلق عليهم «أهل السنة والجماعة»، وهم يمثلون الغالبية العظمى في العالم الإسلامي، قد قاموا بحفظ حقائق القرآن والإيمان كما هي على محجّتها البيضاء الناصعة، وذلك باتباعهم السنة الشريفة بحذافيرها كما هي، دون نقص أو زيادة، فنشأت الأكثريةُ المطلقة من الأولياء الصالحين من هذه الجماعة. ولكن شوهد أولياءٌ آخرون في طريق تخالف أصولَ أهل السنة والجماعة، وخارجة عن قسم من دساتيرهم، فانقسم الناظرون في شأن هؤلاء الأولياء إلى قسمين:

الأول: هم الذين أنكروا ولايتَهم وصلاحَهم، وذلك لمخالفتهم أصول أهل السنة والجماعة بل قد ذهبوا إلى أبعد من الإنكار، حيث كفّروا عدداً منهم.

أما الآخر: فهم الذين اتبعوهم وأقروا ولايتَهم، ورضوا عنهم، لذا قالوا: إنَّ الحق ليس محصوراً في سبيل أهل السنة والجماعة. فشكّلوا بهذا القول فرقة مبتدعة وانساقوا إلى الضلال. ناسين أن المهتدي لنفسه ليس من الضروري أن يكون هادياً لغيره، ولئن كان شيوخُهم يُعذرون على ما ارتكبوا من أَخطاء لأنهم مجذوبون، إلّا أنهم لا يُعذَرون في اتباعهم لهم.

وهناك قسم ثالث: سلكوا طريقاً وسطاً، حيث لم ينكروا ولاية أولئك الأولياء وصلاحهم، إلّا أنهم لم يرضوا بطريقتهم ومنهجهم، وقالوا: إن ما تفوّهوا به من الأقوال المخالفة للأصول الشرعية، إما أنها ناشئة عن غلبة الأحوال عليهم مما جعلهم يخطئون، أو أنها شطحات شبيهة بالمتشابهات التي لا تعرف معانيها ولا تفهم مراميها.


Yükleniyor...