ولما كانت ماهيتُه المقدسة، واجبةَ الوجود، ومجرّدةً عن المادة، ومخالفةً للماهيات كافة، إذ لا مثل ولا مثال ولا مثيل لها، فإن إدارة الكون إذن وتربيتَه بالنسبة إلى قدرة ذلك الرب الجليل الأزلية، سهلٌ كإدارة الربيع بل كإدارة شجرة واحدة، وإيجاد الحشر الأعظم والدار الآخرة والجنة وجهنم سهل كإحياء الأشجار مجدداً في الربيع بعد موتها في الخريف.
السر الثالث: إنَّ عدم التحيّز وعدم التجزؤ سببٌ للسهولة المطلقة وذلك:
إن الصانع القدير لما كان منزّهاً عن المكان فهو حاضر إذن بقدرته في كل مكان قطعاً. وحيث لا تجزؤ ولا انقسام، فيمكن إذن أن يتوجه إلى كل شيء بجميع أسمائه الحسنى.
وحيث إنه حاضر في كل مكان ومتوجه إلى كل شيء فإن الموجودات والوسائط والأجرام لا تعيق أفعاله ولا تمانعها. بل لو افترضت الحاجة إلى الأشياء -ولا حاجة إليها أصلا- فإنها تصبح وسائلَ تسهيل ووسائط وصول الحياة وأسباباً للسرعة في إنجاز الأفعال كأسلاك الكهرباء وأغصان الشجرة وأعصاب الإنسان. فلا تعويق إذن ولا تقييد ولا تمانع ولا مداخلة قطعاً، إذ كل شيء بمثابة وسيلة تسهيل ووساطة سرعة وأداة إيصال، أي لا حاجة إلى شيء من حيث الطاعة والانقياد تجاه تصاريف قدرة القدير الجليل، وحتى لو افترضت الحاجة -ولا حاجة أصلا- فإن الأشياء تكون وسائل تسهيل ووسائط تيسير.
Yükleniyor...