المبحث الثالث

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

﹛﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَاُنْثٰى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَٓائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾|﹜ (الحجرات: ١٣)


أي خلقناكم طوائفَ وقبائل وأمماً وشعوباً كي يعرف بعضكم بعضاً وتتعرفوا على علاقاتكم الاجتماعية، لتتعارفوا فيما بينكم، ولم نجعلكم قبائل وطوائف لتتناكروا فتتخاصموا.

في هذا المبحث سبع مسائل:

المسألة الأولى: إنَّ الحقيقة الرفيعة التي تفيدها هذه الآية الكريمة تخص الحياة الاجتماعية، لذا اضطررتُ إلى كتابة هذا المبحث بنية خدمة القرآن العظيم، وعلى أمل إنشاء سدٍّ أمام الهجمات الظالمة. فكتبتُه بلسان «سعيد القديم» الذي له علاقة بالحياة الاجتماعية الإسلامية، وليس بلسان «سعيد الجديد» الذي يريد اجتناب الحياة الاجتماعية. (7)

المسألة الثانية: نقول بياناً لدستور التعارف والتعاون الذي تشير إليه هذه الآية الكريمة أنه: يُقسّم الجيشُ إلى فيالق وإلى فرق وإلى ألوية وإلى أفواج وإلى سرايا والى فصائل والى حظائر، وذلك ليَعرف كلُّ جندي واجباته حسب تلك العلاقات المختلفة المتعددة، وليؤدي أفرادُ ذلك الجيش تحت دستور التعاون وظيفةً حقيقية عامة لتُصان حياتهم الاجتماعية من هجوم الأعداء. وإلّا فليس هذا التقسيم والتمييز إلى تلك الأصناف، لجعل المنافسة بين فوجين أو إثارة الخصام بين سريتين أو وضع التضاد بين فرقتين.

وكذلك الأمر في المجتمع الإسلامي الشبيه بالجيش العظيم، فقد قُسّم إلى قبائل وطوائف، مع أن لهم ألف جهة وجهة من جهات الوحدة ؛ إذ خالقُهم واحد، ورازقُهم واحد،


Yükleniyor...