تُرى أي شيء يمكن أن يبرز في الميدان ويبعث في روح الجنود مثل هذه التضحية والفداء وهم ذوو أفكار بسيطة وقلوب صافية؟.

أية عنصرية يمكن أن تحل محلّ هذا المفهوم العلوي؟ وأيُّ فكر غيره يمكن أن يجعل المرء يضحي بحياته وبدنياه كلِّها طوعاً في سبيله ؟.

ثانياً: ما آذت الدول الأوروبية الكبرى وثعابينها المَرَدة هذه الدولة الإسلامية وتوالت عليها بضرباتها، إلّا وأبكت ثلاثمائة وخمسين مليوناً من المسلمين في أنحاء العالم، وجعلتهم يئنّون لأذاها، حتى سحبت تلك الدول الاستعمارية يدَها عن الأذى والتعدي لتحُول دون إثارة عواطف المسلمين عامة، فتخلّت عن الأذى.

فهل تُستصغَر هذه القوة الظهيرة المعنوية والدائمة لهذه الدولة، وهل يمكن إنكارها؟

تُرى أية قوة أخرى يمكن أن تحلّ محلَّها؟ فهذا ميدان التحدي فليُظهروا تلك القوة؟ لذا لا ينبغي أن نجعل تلك القوة الظهيرة العظمى تعرِض عنّا لأجل التمسك بقومية سلبية وحَمية مستغنية عن الدين.

المسألة السابعة: نقول للذين يبدون حماسةً شديدة للقومية السلبية:

إنْ كنتم حقاً تحبّون هذه الأمة حباً جاداً خالصاً، وتشفقون عليها، فعليكم أن تحملوا في قلوبكم غَيرة تسعُ الإشفاق على غالبية هذه الأمة لا على قلة قليلة منها، إذ إن خدمة هؤلاء خدمة اجتماعية مؤقتة غافلةً عن الله -وهم ليسوا بحاجة إلى الرأفة والشفقة- وعدم الرأفة بالغالبية العظمى منهم ليس من الحمية والغيرة في شيء.

إذ الحمية بمفهوم العنصرية يمكن أن تجلب النفعَ والفائدة لاثنين من كل ثمانية أشخاص من الناس، فائدةً مؤقتة، فينالون مما لا يستحقونه من الحَمية، أما الستة الباقون فهم إما شيخ أو مريض أو مبتلى ببلاء، أو طفل، أو ضعيف جداً، أو متقٍ يخشى الله ويرجو الآخرة.. فهؤلاء يبحثون عن سلوان ونور يبعث فيهم الأمل، حيث إنهم يتوجهون إلى حياة برزخية وأخروية. فهم محتاجون إلى أيدي اللطف والرحمة تمتد إليهم. فأيةُ حميةٍ تسمح بإطفاء نورِ الأمل لدى هؤلاء والتهوين من سلوانهم؟

Yükleniyor...