ولكن إن كان أهل الدنيا يذيقونني العذابَ لقيامي بخدمة الإيمان والقرآن، فالدفاع عن هذا ليس من شأني وإنما أُحيلُه إلى العزيز الجبار.

وإن كان المرادُ من ذلك التضييق إفسادَ توجّه الناس إليّ والحيلولة دون إقبالهم عليّ، أي للحدّ من الشهرة الكاذبة، التي لا أساس لها، بل هي السبب في الرياء وإفساد الإخلاص.. فعليهم إذن رحمةُ الله وبركاته؛ لأني اعتقد أن كسب الشهرة وإقبالَ الناس ضار لأشخاص مثلي. والذين لهم علاقة معي يعرفونني جيداً: أنني لا أقبل الاحترام لنفسي، بل أنفر منه، حتى إن صديقاً فاضلاً عزيزاً عليّ قد نهرتُه أكثر من خمسين مرة لشدة احترامه لي.

ولكن إن كان قصدُهم من التهوين من شأني وإسقاطي في أعين الناس يخص الحقائقَ الإيمانية والقرآنية التي أقوم بتبليغها، فعبثاً يحاولون لأن نجوم القرآن لا تُسدَل بشيء. فمن يغمض عينه يجعل نهارَه ليلاً لا نهار غيره.

النقطة الرابعة

جواب عن بضعة أسئلة مريبة.

السؤال الأول المريب: يسأل أهل الدنيا ويقولون لي: بماذا تعيش؟ وكيف تُدار معيشتُك دون عمل؟ نحن لا نقبل في بلادنا المتقاعدين الكسالى الذين يقتاتون على سعي الآخرين وعملهم؟

الجواب: إنني أعيش بالاقتصاد والبركة. لا أقبل من غير رزاقي الله منّةً من أحد، وقررت أن لا أقبلها طوال حياتي.

نعم، إن الذي يعيش بمائة بارة (2) بل بأربعين بارة يأبى أن يدخلَ تحت منّة الآخرين.

إنني ما كنت أرغب مطلقاً أن أوضح هذه المسألة خشية الإشعار بالغرور والأنانية، وأكره أن أبوحَ بها فهي ثقيلة عليَّ، ولكن لأن أهل الدنيا تدور الأوهامُ والشبهات في نفوسهم لدى سؤالهم هذا، فأقول:

- إن دستور حياتي كلها هو عدمُ قبول شيء من الآخرين، فمنذ نعومة أظفاري لم أقبل شيئاً من أحد حتى لو كان زكاة أموالهم.


Yükleniyor...