يطلبه منه، لا من التراب، فالتراب بابٌ لخزينة رحمته الواسعة ليس إلّا، يطرقه الإنسان بالمحراث.

سنطوي تفاصيلَ الأقسام الأخرى ونذكر بضعةَ أسرار للدعاء «القولي» وذلك في بضع نكات آتية:

النكتة الثانية

اعلم أن تأثير الدعاء عظيم، ولا سيما إذا دام واكتسب الكلّية. فهذا الدعاء يُثمر على الأغلب ويُستجاب دائماً. حتى يصح أن يقال: إن سبب خلق العالم إنما هو دعاء، حيث إن الدعاء العظيم للرسول الأعظم ﷺ وهو يتقدم العالم الإسلامي الذي يدعو الدعاء نفسه، وهم يتقدمون البشرية جمعاء التي تسأل الدعاء نفسه.. ذلك الدعاء هو: السعادة الأبدية، وهو سبب من أسباب خلق العالم. أي أن رب العالمين قد علم بعلمِه الأزلي أن ذلك الرسول الكريم ﷺ سيسأله السعادةَ الأبدية والحظوة بتجلٍ من تجليات أسمائه الحسنى، سيسأله باسم البشرية قاطبة بل باسم الموجودات.. فاستجاب سبحانه وتعالى لذلك الدعاء العظيم فخلق هذا العالم.

فما دام الدعاء قد اكتسب هذه الأهمية العظيمة والسعة الشاملة فهل يمكن ألّا يستجاب؟ وهل يمكن لدعاء يلهج به مئاتُ الملايين من البشر -في الأقل- ومنذ ألف وثلاث مائة سنة، يدعونه متفقين، في كل حين، بل يدعو معهم كل الطيبين من الجن والملك والروحانيات ممن لا يحصون ولا يعدون.. هل يمكن ألّا يستجابَ هذا الدعاء الذي يدعونه للرسول الكريم ﷺ لينال الرحمة الإلهية العظيمة والسعادة الخالدة.

فما دام قد اكتسب هذا الدعاءُ الكليةَ والسعةَ والدوام إلى هذا الحد حتى بلغ درجة لسان الاستعداد وحاجة الفطرة، فلابد أن ذلك الرسول الكريم محمد بن عبد الله ﷺ قد اعتلى -نتيجة الدعاء- مرتبةً رفيعة عالية بحيث لو اجتمعت العقولُ جميعاً للإحاطة بحقيقة تلك المرتبة لعجزت عجزاً تاماً.

فبُشراك أيها المسلم! إن لك شفيعاً كريماً في يوم الحشر الأعظم، هو هذا الرسول الحبيب ﷺ... فاسعَ لنيل شفاعته باتباع سنته المطهرة.


Yükleniyor...