النقطة الأولى

إن معنى الآية الكريمة: ﹛﴿وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾|﹜ (الواقعة: ١٧) وسرَّها هو هكذا:

إنَّ أولاد المؤمنين المتوفّين قبل البلوغ سيُخلَّدون في الجنة أطفالاً محبوبين بما يليق بالجنة. وسيكونون مبعثَ سرور أبدي في أحضان آبائهم وأمهاتهم الذين مضوا إلى الجنة. وسيكونون مداراً لتحقيق ألطف الأذواق الأبدية للوالدين وهو حب الأطفال وملاطفة الأولاد.

وحيث إن كلَّ شيء لذيذٍ موجودٌ في الجنة، فلا صحةَ لقول مَن يقول: «لا وجود لمحبة الأطفال ومداعبتهم في الجنة لخلوها من التكاثر والتناسل». بل هناك الفوز العظيم بمحبة الأطفال وملاعبتِهم بصفاء تام ولذة كاملة طوال ملايين السنين، من دون أن يشوبها ألمٌ ولا كدرٌ، بدلاً من محبتهم وملاعبتهم في عشر سنوات دنيوية قصيرة فانية مشوبة بالآلام. كل هذا تحققه الآية الكريمة بجملة ﹛﴿وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾|﹜ فتصبح أكبر مدار لسعادة المؤمنين وتزفّ أعظم بشرى لهم.

النقطة الثانية

كان هناك -ذات يوم- رجل كريم في السجن.. أُلحق به ولدُه الحبيب أيضاً. فكان يتألم كثيراً بمشقات عَجزه عن تأمين راحة ابنه فضلاً عن مقاساته آلامه الشخصية.

بعث إليه الحاكم الرحيم أحداً ليبلّغه: «إنَّ هذا الطفل وإن كان ابنُك إلّا أنه واحد من رعيتي وأحدُ أفراد أمتي، سآخذه منك لأربّيه في قصر جميل فخم».. بدأ الرجل بالبكاء والحسرة والتأوه، وقال: «لا. لا أعطي ولدي ولا أسلّمه، إنه مدار سلواني!».

انبرى له أصدقاؤه في السجن: يا هذا لا داعي لأحزانك ولا معنى لتألمك. إنْ كنت تتألم لأجل الطفل فهو سيمضي إلى قصر باذخ رحيب بدلاً من أنْ يبقى في هذا السجن الملوّث المتعفن الضيق. وإنْ كنتَ متألماً لذات نفسك وتبحث عن نفعك الخاص، فإنَّ الطفل سيعاني مشقاتٍ كثيرةً مع ضيق وألم شديدين فيما إذا بقي هنا لأجل أن تحصلَ على نفع مؤقت ومشكوكٍ فيه! أما إذا ذهب إلى هناك فسيكون وسيلة لألف نفع وفائدة لك، ذلك لأنه سيكون سبباً لدرّ رحمة الحاكم لك، وسيصبح لك في حكم الشفيع. ولابد أنَّ الحاكم سيرغب يوماً في أنْ يسعدَه

Yükleniyor...