فعجباً من أمرك أيها الإنسان لِمَ لا تصدّق بهذه المعجزة الباهرة تصديقَ شهود بعد ما سمعتَ أن رواتها من السلسلة الطاهرة، حتى الشيطان نفسه لا يجد سبيلاً لإنكارها!

المثال الثالث عشر: روى الأئمة أمثال أبي داود وأحمد ابن حنبل والبيهقي عن دُكَين الأحمسي بن سعيد المزين، وعن الصحابي الذي تشرف هو وأخوته الستة بصحبة النبي ﷺ وهو نعمان بن مقرن الأحمسي المزين، ومن رواية جرير ومن طرق متعددة أن الرسول الأكرم ﷺ: «أمر عمر بن الخطاب أن يزوّد أربعمائة راكب من أحمس. فقال: يا رسول الله ما هي إلّا أصوع (122) قال: اذهبْ، فذهب فزوَّدهم منه. وكان قدر الفصيل الرابض من التمر، وبقي بحاله». (123)

هكذا وقعت معجزةُ البركة هذه، وهي تتعلق بأربعمائة رجل، لاسيما بعمر رضي الله عنه. فهؤلاء جميعاً هم الرواةُ لأن سكوتَهم حتماً تصديقٌ للرواية. فلا تقل أنها خبر آحاد ثم تمضي إلى شأنك فأمثال هذه الحوادث وإن كانت خبر آحاد، إلّا أنها تورث الطمأنينةَ في القلب لأنها بمثابة التواتر المعنوي.

المثال الرابع عشر: ثبت في الصحاح وفي مقدمتها البخاري ومسلم حديث جابر رضي الله عنه «في دَين أبيه، وقد كان بَذَل لغُرماء أبيه أصلَ مالِهِ ليقبلوه ولم يكن في ثمرها سنتين كفافُ دَينهم، فجاءه النبي ﷺ بعد أن أمره بجدِّها -أي قطعها- وجعْلها بيادر في أصولها، فمشى فيها ودعا، فأوفي منه جابرُ غُرماءَ ابيه وفَضَل مثل ما كانوا يجدُّون كل سنة، وفي رواية مثل ما أعطاهم، قال: وكان الغرماء يهودَ فعجبوا من ذلك». (124)

وهكذا فهذه المعجزة الباهرة في بركة الطعام ليست برواية يرويها جابر وأشخاص معدودون فقط وإنما هي متواترةٌ من حيث المعنى يرويها جميعُ هؤلاء الرواة ممثلين لكلّ من تتعلق به هذه الرواية.

المثال الخامس عشر: يروى العلماء المحققون روايةً صحيحة، وفي مقدمتهم الأمام

Yükleniyor...