قال: زهاء ثلاثمئة. فرأيت النبي ﷺ وضع يدَه على تلك الحيسة وتكلّم بما شاء الله ثم جعل يدعو عشرةً عشرةً يأكلون منه، ويقول لهم: «اذكروا اسم الله، وليأكل كلُّ رجلٍ مما يليه» قال: فأكلوا حتى شبعوا، فخرجتْ طائفةٌ، ودخلتْ طائفة، حتى أكلوا كلهم قال لي: «يا أنس! ارفع» فرفعتُ، فما أدرى حين وضعتُ كان أكثرَ أم حين رفعتُ». (106)

المثال الثاني: نزل النبي ﷺ ضيفاً عند أبى أيوب الأنصاري، فذات يوم «صنعَ لرسول الله ﷺ ولأبي بكر رضي الله عنه من الطعام زُهاء ما يكفيهما. فقال له النبي ﷺ: ادعُ ثلاثين من أشرافِ الأنصار! فدعاهم فأكلوا حتى تركوا. ثم قال: ادعُ ستين، فكان مثلُ ذلك، ثم قال: ادعُ سبعين فأكلوا حتى تركوا، وما خرج منهم أحدٌ حتى أسلم وبايع، قال أبو أيوب: فأكل من طعامي مئة وثمانون رجلاً». (107)

المثال الثالث: «حديث سلمة بن الأكوَع، وأبو هريرة، وعمر بن الخطاب وأبو عمرة الأنصاري رضي الله عنهم، فذكروا مخمصةً أصابت الناسَ مع النبي ﷺ في بعض مغازيه، فدعا ببقية الأزواد، (108) فجاء الرجلُ بالحَثْية من الطعام، وفوق ذلك ، وأعلاهم الذي أتى بالصاع من التمر، فَجَمعه على نطْعٍ. قال سلمة: فحرزتُه، كَربضةِ العنز، ثم دعا الناس بأوعيتهم، فما بقيَ في الجيش وعاءٌ إلّا ملأوه، وبقي منه قدر ما جُعل وأكثر، (وفي رواية) ولو ورده أهلُ الأرض لكفاهم». (109)

المثال الرابع: ثبت في الصحاح وفي مقدمتها البخاري ومسلم أن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق قال: «كنّا مع النبي ﷺ ثلاثين ومئة» في سفر «وذكر في الحديث أنه عُجن صاعٌ من طعام، وصُنعَت شاةٌ فشويَ سواد بطنها، (110) قال: وأيمُ الله ما من الثلاثين ومئة إلّا وقد حزَّ لهُ حزّةً من سواد بطنها، ثم جعل منها قصعتين فأكلنا أجمعون، وفضل في القصعتين، فحملتُه على البعير». (111)


Yükleniyor...