يخص من يحكم هذه القرية ثم القضاء ثم المحافظة التي أنا ضيف لديهم. إذ إن إهانة أسير تعود إلى مالكه، فهو الذي يدافع عنه.

فاطمأن القلبُ بهذه الحقيقة، وتلوتُ: ﹛﴿وَاُفَوِّضُ اَمْر۪ٓي اِلَى اللّٰهِۜ اِنَّ اللّٰهَ بَص۪يرٌ بِالْعِبَادِ﴾|﹜ (غافر: ٤٤) وأهملتُ الحادثةَ واعتبرتها لم تقع، ونسيتُها. ولكن تبين بعدئذٍ -مع الأسف- أن القرآن لم يتجاوز عنه، فعاقبَه.

الحكاية الثانية:

طرق سمعي في هذه السنة أن حادثةً وقعت، وقد سمعتُها بعد وقوعها إجمالاً فحسب، لكني لقيت معاملة كأنني ذو علاقة قوية بالحادثة. علماً أنني ما كنت أراسل أحداً، وما كنت أكتب رسالة إلّا نادراً إلى صديق وحول مسألة إيمانية، بل لم أكتب حتى لشقيقي إلّا رسالة واحدة خلال أربع سنوات. فكنت أمنع نفسي عن مخالطة الناس والاتصال بهم، فضلاً عن أن أهل الدنيا كانوا يمنعونني عن ذلك. فما كنت ألقى إلّا واحداً أو اثنين من الأحباب خلال أسبوع، مرة أو مرتين. أما الضيوفُ القادمون إلى القرية، وهم آحاد لا يزيدون عن واحد أو اثنين فكانوا يلقونني دقيقة أو دقيقتين، خلال شهر، ولمسألة أخروية.. كنت على هذه الحالة من الاغتراب، وقد مُنعت عن كل الناس، عن كل شيء، وبقيتُ وحيداً غريباً، لا قريب لي، في قرية ليس فيها ما يلائم مكسب نفقتي. حتى إنني قبل أربعِ سنوات، عمّرت مسجداً خرباً وقمت فيه بالإمامة لأربع سنوات (نسأل الله القبول) حيث أحمل شهادةَ الإمامة والوعظ، من بلدي. ومع هذا لم استطع الذهابَ إلى المسجد في شهر رمضان الفائت. فصليتُ أحياناً منفرداً وحُرمت من ثواب الجماعة البالغ خمساً وعشرين ضعفاً.

فتجاه هاتين الحادثتين اللتين مرّتا بي أظهرتُ صبراً وتحملاً مثلما أظهرتُه قبل سنتين إزاء معاملة ذلك المسؤول. وسأستمر على هذا الصبر والتحمل بإذن الله.

والذي يدور في خلَدي وأريد أن أقولَه هو أن العنتَ الذي يذيقني إياه أهلُ الدنيا، والأذى والتضييق عليّ منهم، إنْ كان تجاه نفسي القاصرة الملطخة بالعيوب فإني أعفو عنهم، لعلّ نفسي تصلح من شأنها بهذا التعذيب فيكون كفارةً لذنوبها. فلئن قاسيتُ من أذىً في هذه الدنيا المضيفة، فأنا شاكرٌ ربي، إذ قد رأيت بهجتها ومتعتها.


Yükleniyor...