أما مقاومة الحسن والحسين رضي الله عنهما للأمويين، فهي في حقيقتها صراعٌ بين الدين والقومية، إذ اعتمد الأمويون على جنس العرب في تقوية الدولة الإسلامية، وقدّموهم على غيرهم، أي فضّلوا رابطةَ القومية على رابطة الإسلام فأضرُّوا من جهتين:
الأولى: آذوا الأقوام الأخرى بنظرتهم هذه، فولّدوا فيهم الكراهية والنفور.
الثانية: إن الأُسس المتبعة في القومية والعنصرية أُسس ظالمة لا تتبع العدالةَ ولا توافق الحق، إذ لا تسير تلك الأُسسُ على وفق العدالة، لأن الحاكم العنصري يفضّل من هم بنو جنسه على غيرهم، فأنَّى له أن يبلغ العدالة! بينما الإسلام يجبّ ما قبله من عصبية جاهلية، لا فرق بين عبدٍ حبشي وسيد قرشي إذا أسلما. (4) فلا يمكن إقامة رابطةَ القومية بدلاً من رابطة الدين في ضوء هذا الأمر الجازم. إذ لا تكون هناك عدالةٌ قط وإنما تُهدر الحقوق ويضيع الإنصاف.
وهكذا فإن سيدنا الحسين رضي الله عنه قد تمسّكَ برابطة الدين، وهو مُحقٌّ في ذلك، لذا قاوم الأمويين حتى رُزق مرتبةَ الشهادة.
وإذا قيل: لِمَ لم ينجح سيدُنا الحسين رضي الله عنه في مسعاه رغم أنه كان على حقٍّ وصواب؟ وكيف سمحت الرحمةُ الإلهية والقدر الإلهي أن تكون عاقبتُه وعاقبةُ آل بيته فاجعةً أليمة؟
الجواب: إذا استثنينا المقرّبين من سيدنا الحسين رضي الله عنه، نجد أن الأقوام المختلفة الذين التحقوا بهم هم ممن أُصيب غرورُهم القومي بجروح بيد العرب المسلمين، فهم يضمرون ثأراً تجاههم، مما كدّر صفاءَ النية ونقاءها التي كان يتحلى بها مسلك الحسين ومن معه، وأدّى تعكُّر ذلك الصفاء وخفوت سطوع ذلك النهج القويم إلى تقهقرهم أمام أولئك.
أما حكمة تلك الحادثة المؤلمة من زاوية نظر القدر الإلهي فهي:
إن الحسن والحسين رضي الله عنهما وذويهما ونسلَهما كانوا مرشحين لسلطنة معنوية ومؤهلين لتسنّم مرتبةً سامية معنوية. ولما كان الجمعُ بين سلطنة الدنيا وتلك السلطنة المعنوية من الصعوبة بمكان، لذا جعلهم القدرُ الإلهي يُعرِضون عن الدنيا، وأظهر لهم وجهَ الدنيا
الأولى: آذوا الأقوام الأخرى بنظرتهم هذه، فولّدوا فيهم الكراهية والنفور.
الثانية: إن الأُسس المتبعة في القومية والعنصرية أُسس ظالمة لا تتبع العدالةَ ولا توافق الحق، إذ لا تسير تلك الأُسسُ على وفق العدالة، لأن الحاكم العنصري يفضّل من هم بنو جنسه على غيرهم، فأنَّى له أن يبلغ العدالة! بينما الإسلام يجبّ ما قبله من عصبية جاهلية، لا فرق بين عبدٍ حبشي وسيد قرشي إذا أسلما. (4) فلا يمكن إقامة رابطةَ القومية بدلاً من رابطة الدين في ضوء هذا الأمر الجازم. إذ لا تكون هناك عدالةٌ قط وإنما تُهدر الحقوق ويضيع الإنصاف.
وهكذا فإن سيدنا الحسين رضي الله عنه قد تمسّكَ برابطة الدين، وهو مُحقٌّ في ذلك، لذا قاوم الأمويين حتى رُزق مرتبةَ الشهادة.
وإذا قيل: لِمَ لم ينجح سيدُنا الحسين رضي الله عنه في مسعاه رغم أنه كان على حقٍّ وصواب؟ وكيف سمحت الرحمةُ الإلهية والقدر الإلهي أن تكون عاقبتُه وعاقبةُ آل بيته فاجعةً أليمة؟
الجواب: إذا استثنينا المقرّبين من سيدنا الحسين رضي الله عنه، نجد أن الأقوام المختلفة الذين التحقوا بهم هم ممن أُصيب غرورُهم القومي بجروح بيد العرب المسلمين، فهم يضمرون ثأراً تجاههم، مما كدّر صفاءَ النية ونقاءها التي كان يتحلى بها مسلك الحسين ومن معه، وأدّى تعكُّر ذلك الصفاء وخفوت سطوع ذلك النهج القويم إلى تقهقرهم أمام أولئك.
أما حكمة تلك الحادثة المؤلمة من زاوية نظر القدر الإلهي فهي:
إن الحسن والحسين رضي الله عنهما وذويهما ونسلَهما كانوا مرشحين لسلطنة معنوية ومؤهلين لتسنّم مرتبةً سامية معنوية. ولما كان الجمعُ بين سلطنة الدنيا وتلك السلطنة المعنوية من الصعوبة بمكان، لذا جعلهم القدرُ الإلهي يُعرِضون عن الدنيا، وأظهر لهم وجهَ الدنيا
Yükleniyor...